على وجه لو تفحّص عنه المكلّف لعثر عليه.
والمفروض أنّ المجتهد تفحص في مظانّ الحكم ولم يعثر على شيء يدلّ على الحرمة ، فينطبق عليه مفاد الآية ، وهو أنّ التعذيب فرع البيان الواصل والمفروض عدم البيان فيكون التعذيب مثله.
٢. حديث الرفع
روى الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة». (١)
تقرير الاستدلال يتوقف على ذكر أمرين :
الأوّل : انّ لفظة «ما» في قوله : «ما لا يعلمون» موصولة تعمّ الحكم والموضوع المجهولين ، لوضوح انّه إذا جهل المكلّف بحكم التدخين ، أو جهل بكون المائع الفلاني خلا أو خمرا صدق على كلّ منهما انّه من «ما لا يعلمون» فيكون الحديث عاما حجّة في الشبهة الحكمية والموضوعية معا.
الثاني : انّ الرفع ينقسم إلى تكويني ـ وهو واضح ـ وتشريعي ، والمراد منه نسبة الرفع إلى الشيء بالعناية والمجاز ، باعتبار رفع آثاره كقوله عليهالسلام : «لا شكّ لكثير الشكّ» ومن المعلوم أنّ المرفوع ليس هو نفس «الشك» لوجوده ، وإنّما المرفوع هو آثاره وهذا صار سببا لنسبة الرفع إلى ذاته ، ونظيره حديث الرفع ، فانّ نسبة الرفع إلى الأمور التسعة نسبة ادّعائية بشهادة وجود الخطأ والنسيان وما عطف عليه في الحديث ، بكثرة بين الأمّة ، ولكن لمّا كانت الموضوعات المذكورة
__________________
(١) الخصال ، باب التسعة ، الحديث ٩ ، ص ٤١٧.