الوجه الأوّل : جريان سيرة الأصحاب على العمل بأخبار الآحاد في قبال عمومات الكتاب واحتمال أن يكون ذلك بواسطة القرائن المفيدة للعلم بعيد جدّا ، فمثلا خصصت آية الميراث : ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ (النساء / ١١) بالسنّة كقوله : لا ميراث للقاتل. (١)
وخصصت آية حلية النساء ، أعني قوله : ﴿أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ﴾(النساء /٢٤) بما ورد في السنّة من أنّ المرأة لا تزوّج على عمّتها وخالتها. (٢)
وخصصت آية حرمة الربا بما دلّ على الجواز بين الولد والوالد ، والزوج والزوجة.
الوجه الثاني : إذا لم نقل بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد لزم إلغاء الخبر بالمرّة إذ ما من حكم مروي بخبر الواحد إلاّ بخلافه عموم الكتاب ولو بمثل عمومات الحلّ ، ولا يخلو الوجه الثاني عن إغراق ، لأنّ كثيرا من الآيات الواردة حول الصلاة والزكاة والصوم وغيرها واردة في مقام أصل التشريع ، ولأجل ذلك تحتاج إلى البيان ، وخبر الواحد بعد ثبوت حجيته يكون مبيّنا لمجملاته وموضحا لمبهماته ولا يعدّ مثل ذلك مخالفا للقرآن ومعارضا له،بل يكون في خدمة القرآن والغاية المهمة من وراء حجّية خبر الواحد هو ذلك.
ثمّ لو قلنا بجواز تخصيص القرآن بخبر الواحد لا نجيز نسخه به ، لأنّ الكتاب قطعي الثبوت وخبر الواحد ظنّي الصدور ، فكيف يسوغ نسخ القطعي بالظنّي خصوصا إذا كان النسخ كليا لا جزئيا ، أي رافعا للحكم من رأسه.
__________________
(١) الوسائل : ١٧ ، الباب ٧ من أبواب موانع الإرث ، الحديث ١.
(٢) الوسائل : ١٤ ، الباب ٣٠ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها.