المستفاد من الأخبار أن المقدمة هو الغسل الواقع بعد الوقت لا الواقع قبله ، وذلك لقوله عليه‌السلام : تغتسل عند الصبح أو عند الظهر أو عند وقت كل صلاة (١) ، فإن المستفاد من كلمة « عند » اعتبار المقارنة بين الصلاة والغسل ، وهذا إنما يتحقق فيما إذا اغتسلت في وقتها ، وأمّا اغتسالها قبل وقت الصلاة فهو لا يوجب صدق أنها اغتسلت عند الظهر أو عند وقت الصلاة ، بل يقال إنها اغتسلت قبل الوقت وقبل الصلاة.

وكذلك ما دلّ على أنها تؤخِّر هذه وتقدم تلك ، أو تؤخِّر الصلاة إلى الصلاة ثم تصلِّي صلاتين بغسل واحد (٢) ، فإنها تدل على اعتبار وقوع الغسل بعد وقت الصلاة هذا.

بل رواية إسماعيل بن عبد الخالق صريحة في ذلك ، لما ورد فيها « فإذا كان صلاة الفجر فلتغتسل بعد طلوع الفجر ثم تصلِّي ركعتين قبل الغداة ثم تصلِّي الغداة » (٣) فإنها صريحة في لزوم كون الغسل بعد الفجر ، إلاّ أنها ضعيفة السند كما مر.

هذا كلّه فيما إذا لم يكن بين غسلها قبل الوقت وصلاتها فصل زماني ، كما إذا اغتسلت في آخر جزء من الزمان المتصل بالوقت بحيث لو اغتسلت دخل وقت الصلاة بتمامه فتشرع في الصلاة من غير فصل أو بفاصل جزئي لا يخلّ بصدق المبادرة كما إذا كان بمقدار أذان وإقامة.

وأمّا لو أرادت أن تغتسل قبل الوقت بزمان ثم تصلِّي الفريضة بعد الوقت فلا إشكال في عدم جوازه ، لما تقدم من لزوم المبادرة إلى الصلاة بعد الاغتسال ، ومع الفصل الزماني بينهما يبطل غسلها وصلاتها.

فتحصل : أنه يعتبر في الغسل في المستمرة الدم أن يقع بعد الوقت ، نعم استثنى قدس‌سره من ذلك مورداً واحداً ، وهو ما إذا أرادت أن تصلِّي صلاة الليل واغتسلت لأجلها.

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٧٢ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٤. ( نقل بالمضمون )

(٢) نفس الباب.

(٣) الوسائل ٢ : ٣٧٧ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ١٥. تقدم [ في ص ٦٨ ] أنّها معتبرة.

۴۲۴