وقد عرفت الجواب عن ذلك في الاستحاضة القليلة وأنه لم يدل دليل على مانعية دم الاستحاضة بقليلها في الصلاة إلى آخر الأجوبة المتقدمة هناك ولا نعيد.

وقد يقال : إن وجوب تبديل القطنة للتعبد الخاص بالنص لا من جهة اقتضاء القاعدة ذلك ، وذلك لما ورد في صحيحة أو موثقة أبان بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، حيث ورد فيها : « فإن ظهر عن ( على ) الكرسف فلتغتسل ثم تضع كُرسُفاً آخر ثم تصلِّي » (١) ، لدلالة قوله « ثم تضع كرسفاً آخر » على وجوب تبديل القطنة واعتباره في صحة صلاة المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة.

ولكن للمناقشة في دلالتها على المدعى مجال واسع ، وذلك :

أوّلاً : لاحتمال أنه عليه‌السلام كان بصدد بيان أمر عادي ، حيث إن الكرسف المملوّ من الدم لا يرجعنه النساء عادة إلى محلِّه بعد الاغتسال لقذارته ، بل يطرح إذ لا قيمة له ويوضع كرسف جديد ، لا أن هذا أمر معتبر شرعاً في حقها.

وثانياً : لاحتمال أن يكون ذلك من جهة أن إرجاع الكرسف السابق إلى المحل يوجب تنجس المحل ، لامتلائه بالدم على الفرض من كون الدم قد ثقبه ، ووضع مثله على المحل يوجب التنجس قهراً ، وأمّا أنه من جهة اعتبار ذلك في حق المستحاضة فلا.

وثالثاً : مع الغض عن المناقشتين السابقتين فلأجل أن غاية ما يستفاد من الرواية أنه يجب أن يوضع على المحل كرسف جديد ولو لأجل أن لا يتنجس أطراف المحل بوضع الكرسف الأول ، وأمّا أن وضع الكرسف السابق ولو مع ذلك الكرسف الجديد مانع عن صحة صلاتها كما هو محل البحث في المقام فلا يستفاد من الرواية بوجه.

ورابعاً : فلأنا لو أغمضنا عن جميع المناقشات السابقة فغاية ما هناك أن نقتصر على ذلك في خصوص مورد الرواية ، وهو ما إذا أخرجت المرأة كرسفها ، فهب أنه حينئذ يعتبر أن لا ترجعه إلى محلِّه ، وأمّا إذا اغتسلت وبدّلت القطنة في الزوال مثلاً ولم‌

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٣٧٥ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٨.

۴۲۴