غسل ، والمعروف بين الأصحاب أنّه يغسله أهل الكتاب المماثل للميت ، وعن المحقق (١) وجماعة أنّه يدفن من غير غسل.
ويدلُّ على القول المشهور موثقتان واردتان في المسألة ، إحداهما في الرّجل والأُخرى في المرأة ، وقد دلّتا على هذا الحكم صريحاً (٢) ونوقش في الاستدلال بها من وجوه :
منها : أنّ التغسيل واجب عبادي يعتبر فيه قصد التقرّب ولا يتمشّى ذلك من الكفّار ، لاعتقادهم بطلان هذا الدين ، ومع اعتقاد البطلان لا يمكنه التقرّب بالتغسيل.
ومنها : أن من رجال إحدى الموثقتين من هو فطحي المذهب ومن رجال الموثقة الأُخرى من هو زيدي فلا يعتمد على رواياتهم.
ومنها : ما أورده صاحب الحدائق قدسسره (٣) من أنّ الموثقتين معارضتان للأخبار الدالّة على نجاسة أهل الكتاب (٤) إذ مع نجاسة أبدانهم يتنجس الماء وبدن الميِّت ، والماء النجس لا يرفع حدثاً ولا يزيل خبثاً.
أمّا المناقشة الأُولى ، ففيها أنّها أشبه شيء بالاجتهاد في مقابل النص بل هو هو بعينه ، وذلك لأن اعتبار قصد التقرب في الواجبات لم يرد فيه دليل عقلي لا يقبل التخصيص ، وإنّما استفيد من الارتكاز وكلمات الأصحاب أي التسالم على أنّ الغسل عبادي وهو أمر قابل للتخصيص ، فيخصص في المقام بالموثقتين ويلتزم فيه بعدم اعتبار قصد التقرّب في التغسيل حينئذ ، فيكون اعتبار النيّة مختصّاً بما إذا كان الغاسل ممّن يتمشّى منه النيّة ، كما هو الحال في غيره كالزكاة إذا أُخذت من الكفار جبراً فإنّها
__________________
(١) المعتبر ١ : ٣٢٦ / في أحكام الأموات.
(٢) الوسائل ٢ : ٥١٥ / أبواب غسل الميِّت ب ١٩ ح ١ ، ٢.
(٣) الحدائق ٣ : ٤٠٣.
(٤) الوسائل ٣ : ٤١٩ / أبواب النجاسات ب ١٤ ، ٢٤ : ٢٠٦ ، ٢١٠ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٥٢ ، ٥٤.