على أنّا لو سلمنا أن الروايتين مطلقتان من حيث كون الدم غير المتجاوز ثاقباً من غير تجاوز وما إذا لم يكن ثاقباً أصلاً ، وقد دلتا على أن الواجب في صورة عدم تجاوز الدم عن الكرسف هو الغسل مرة واحدة لكل يوم وليلة سواء ثقبه أم لم يثقبه ، فلا مناص من رفع اليد عن إطلاقهما وتقييدهما بما إذا كان الدم ثاقباً بمقتضى صريح صحيحة الصحّاف حيث ورد فيها « ثم لتنظر ، فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها ، فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل ، وإن طرحت الكرسف عنها ولم يسل الدم فلتوضأ ولتصل ولا غسل عليها ، قال : وإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيباً لا يرقأ ، فإن عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات إلى أن قال وكذلك تفعل المستحاضة » (١).

حيث صرحت بأن دم الاستحاضة إذا لم يسل من خلف الكرسف أي لم يثقبه وجب على المستحاضة أن تتوضأ وتصلِّي ، ولا يجب عليها الغسل حينئذ ، وبها نقيد إطلاق قوله عليه‌السلام « وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل » بما إذا لم يثقبه فإن اللازم حينئذ هو التوضؤ دون الاغتسال.

هذا كله فيما ذهب إليه المحقق الخراساني قدس‌سره عند كون دم الاستحاضة أحمر أو أسود ، حيث ذكر دورانه بين القسمين المتقدمين من غير أن يكون له قسم ثالث يجب فيه الوضوء.

وأمّا إذا كان صفرة فقد ذكر أن أمر الدم الأصفر يدور بين قسمين لا ثالث لهما فإنها إن كانت قليلة وجب معها الوضوء ، وإن كانت كثيرة يجب معها الغسل.

واستدلّ على ذلك بجملة من الأخبار الدالة على أن المستحاضة إذا رأت صفرة فلتتوضأ ، منها : الموثقة المتقدِّمة (٢) ، ومنها : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه « ما دامت‌

__________________

(١) الوسائل ٢. ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٧.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٧٤ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٦.

۴۲۴