كصاحب السلس ، ومن هنا وجب عليها أن تتوضأ أو تغتسل للصلوات الآتية وإن لم تحدث في أثنائها بحدث آخر ، ومع الحدث كيف يسوغ لها القضاء.

وبعبارة اخرى : إن صلاة المستحاضة اضطرارية من جهة عدم طهارتها من الحدث ، والقضاء واجب موسع له أفراد اختيارية ، فكيف تأتي بالفرد الاضطراري مع التمكّن من الأفراد الاختيارية ، ولا سيما في المستحاضة المبتلاة بنجاسة البدن غالباً وصلاتها اضطرارية من هذه الجهة أيضاً ، مع أنه لم يقم دليل على عدم مانعية دم الاستحاضة في قضائها ، فلا بد من أن تصبر حتى ترتفع استحاضتها.

الجهة الثانية : لو بنينا على عدم مشروعية القضاء في حقها إلاّ أن الوقت ضاق ولو لأجل اطمئنانها أو ظنّها بالموت بعد ذلك بحيث لا تتمكن من الصلاة الاختيارية بوجه فطهارتها لصلاة القضاء ما هي؟ احتمل الماتن وجهين في المسألة :

أحدهما : أن تأتي بقضاء الفوائت مع الوظائف المقررة للمستحاضة ، فكما أنها إذا اغتسلت وأتت بباقي وظائفها المتقدمة كتبديل القطنة جازت الفرائض اليومية لها كذلك جاز لها قضاء ما فاتها من الصلوات ، لأن الأغسال طهارة في حقها.

وثانيهما : أن تأتي بالقضاء بالوضوء والغسل مستقلّين ، فكما أنها تغتسل لفرائضها الأدائية كذلك تغتسل غسلاً على حدة وتأتي بالقضاء.

أمّا الاحتمال الأوّل فيدفعه أن غسلها للفرائض إنما يستباح به الصلاة فحسب ، ولا يكون موجباً لطهارتها حتى يصح منها القضاء ، بل هي محدثة مع اغتسالها ومن ثمة لا بدّ أن تتوضأ أو تغتسل للصلاة الثانية والثالثة.

ولا وجه لتوهّم كون الغسل موجباً لطهارتها سوى الإجماع المتقدِّم (١) من أن المستحاضة إذا أتت بوظائفها فهي بحكم الطاهرة ، إلاّ أنك عرفت أن معناه أنها طاهرة بالإضافة إلى صلواتها الفرائض الأدائية ، وأن الدم الخارج منها أثناء غسلها أو بعده أو أثناء صلاتها لا يكون ناقضاً لصلاتها ، لا أنها بحكم الطاهرة بالإضافة إلى كل فعل مشروط بالطهارة.

__________________

(١) في ص ١٢٩.

۴۲۴