أن مذهب الأصحاب تحريم دخول المساجد وقراءة العزائم على المستحاضة قبل الغسل ، واستظهر من ذلك الإجماع على توقف الأُمور المذكورة على غسلها (١).

وفيه : أن دعواهم للإجماع في المسألة لم تثبت أوّلاً.

وثانياً : أنه من الإجماع المنقول.

وثالثاً : أنه ظاهر البطلان لو كان مراد صاحب المصابيح هو الإجماع ، بل هو مقطوع الخلاف لذهاب جملة من الأصحاب كالشيخ (٢) والعلاّمة (٣) والأردبيلي (٤) وصاحبي المدارك (٥) والذخيرة (٦) إلى الجواز وعدم توقفها على الاغتسال ، ومعه كيف يمكن دعوى الإجماع في المسألة.

نعم ، قد يقال إن الحرمة وتوقف الأفعال المذكورة على الاغتسال مقتضى الاستصحاب فيما إذا كانت الاستحاضة مسبوقة بالحيض ، لحرمتها على الحائض فتستصحب.

المناقشات في التمسك بالاستصحاب في المقام

ولكن فيه وجوه من المناقشات وذلك :

أوّلاً : لأنه من الاستصحاب في الشبهات الحكمية وقد مرّ منّا المناقشة في جريانه مراراً.

وثانياً : فلو أغمضنا عن ذلك فالاستصحاب لا يجري في خصوص المقام لعدم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة ، لأن الحيض والاستحاضة متقابلان في الأخبار‌

__________________

(١) كتاب الطهارة : ٢٦١ السطر ٢٥ / في الاستحاضة.

(٢) النهاية : ٢٩ ، المبسوط ١ : ٦٧ / في الاستحاضة ( لكن في الثاني خلاف لنقل المصنف ).

(٣) المنتهي ٢ : ٤١٦ ، التذكرة ١ : ٢٩١ / في الاستحاضة ( لكن في كليهما خلاف لنقل المصنف ).

(٤) لاحظ مجمع الفائدة والبرهان ١ : ١٦٤.

(٥) المدارك ٢ : ٣٧ / في أحكام المستحاضة ( لكنه لم يقل بالجواز إلاّ في دخول المساجد ).

(٦) الذخيرة : ٧٦ / في الاستحاضة ( لكنه لم يصرح بالجواز إلاّ في دخول المساجد ).

۴۲۴