يختل به النظام كان قبيحا.
فمصلحة انحفاظ النظام ومفسدة اختلاله من حيث نوعي العدل والظلم هي الموجبة للبناء على مدح فاعل العدل وذم فاعل الظلم.
ومن الواضح أن مصالح الأحكام الشرعية ومفاسدها لا يجب أن تكون انحفاظ النظام واختلاله ، بل مصالح خاصة ، أو مفاسد خاصة ربما تختلف من حيث الأشخاص والاحوال والأزمان.
فالصلاة مثلا وان كانت من حيث كونها تعظيما للمولى حسنة ، لأنها إحسان إلى المولى ، إلا أن وجوبها الشرعي ليس من حيث كون الاحسان إلى المولى والانقياد له مما ينحفظ به النظام.
بل من حيث إنّها حركات خاصة توجب استكمال نفس العبد مثلا وهكذا سائر الواجبات.
وكذا الأمر في مفاسد المحرمات ، فانها لا توجب بنوعها اختلال النظام.
وقد بينا في مسألة الملازمة بين حكمي العقل والشرع في البحث عن حجية الظن من باب الحكومة أو الكشف تفصيل ذلك ، ومعنى الملازمة ، فراجع (١).
وأما من حيث عنوان الضرر ـ نظرا إلى أن المفاسد مضار واقعية ، والعقل يحكم بدفعها ، بل لعل المضارّ الدنيوية هي الملحوظة في نظر العقلاء الذين توافقت آراءهم على دفعها حفظا للنظام وابقاء للنوع ـ فالكلام فيه من وجهين :
أحدهما : من حيث الصغرى وأنّ المفسدة ضرر أم لا؟
وثانيهما : من حيث الكبرى ، وأنّ العقل بملاك التحسين والتقبيح العقليين هل يحكم بدفع كل مضرة ام لا؟
أما الأول : فقد منع (قدّس سره) من كون المفسدة أو ترك استيفاء
__________________
(١) نهاية الدراية ٣ التعليقة ١٤٥.