والاقدام على العقاب إقدام على ما لا يترتب ، إلاّ في نشأة أخرى أجنبية عن انحفاظ النظام واختلاله.

نعم نفس الفعل المذموم المعاقب عليه ذا مفسدة نوعية مخلة بالنظام.

وأمّا كونها داخلة في سلك البناءات العقلائية الغير المربوطة بالتحسين والتقبيح العقليين ، كالبناء على العمل بالخبر أو بالظاهر مثلا ، ففيه أن تلك البناءات منبعثة عن حكمة نوعية في نظر العقلاء تدعوهم إلى العمل بالخبر الثقة أو الظاهر أو نحوهما.

ومن البيّن أن الاقدام على العقاب المقطوع أو المحتمل لا يترتب عليه إلا ذلك الأمر المقطوع أو المحتمل ، لا أن هناك مصلحة مترتبة على ترك الاقدام ، أو مفسدة مترتبة على نفس الاقدام زيادة على الامر المقطوع أو المحتمل حتى تبعث العقلاء على البناء على دفعه ، ليكون إمضاء الشارع لهذا البناء مقتضيا لايجاب دفعه بحيث يترتب عليه عقاب آخر على الاقدام ، وإلا فنفس ذلك الامر المقطوع أو المحتمل غير منوط ترتّبه ببناء العقلاء على دفعه.

ومما ذكرنا تبين أن قاعدة دفع الضرر ليست قاعدة عقلية ولا عقلائية بوجه من الوجوه.

نعم كل ذي شعور بالجبلة والطبع حيث إنه يحبّ نفسه يفر عما يؤذيه ، وهذا الفرار الجبلي أيضا ليس ملاكا لمسألة الاحتياط ، إذ الذي يحتاج إليه القائل بالاحتياط مجرد ترتب استحقاق العقاب ، لا التزام العقلاء بالفرار عنه مع فرض ثبوته في الواقع ، بل مجرد الوقوع في العقاب المترتب على مخالفة التكليف الواقعي كاف في مرامه هنا. فتدبره جيّدا.

٣٠ ـ قوله (قدّس سره) : وأما ضرر غير العقوبة ، فهو وإن كان

۴۶۴۱