بلحاظ الاشراف.
فتحقق أن الورود ليس بمعنى الصدور وما يساوقه مفهوما حتى لا يحتاج في ذاته إلى مكلّف يتعلق به ، بل بمعنى يساوق الوصول إليه ، لتضايف الوارد والمورود ، فتدبّر جيدا.
وعن شيخنا الاستاذ (قدس سره) تقريبان آخران في الجواب :
احدهما : ما في تعليقته (١) الأنيقة من أن الورود بمعنى الصدور ، والاباحة الشرعية ـ قبل صدور الحرمة منه تعالى أو قبل صدورها من النبي صلّى الله عليه وآله لعدم الأمر بتبليغها ـ خارجة عن مورد النزاع ، وداخلة فيما حجب الله علمه عن العباد.
وحيث إن هذه الاباحة مغيّاة بصدور النهي واقعا فلا يمكن إثباتها بالخبر فقط ، بل بضمّ أصالة عدم صدور النهي.
إلا أنه مع ذلك لا يجدي ؛ لأن التعبد بعدم الغاية لا يقتضى إلا التعبد بالمغيّا ، والمفروض أن المغيّى أجنبي عما نحن فيه. هذا ملخصه بتوضيح مني.
وثانيهما : ما في متن الكفاية من أن الاباحة وإن كانت مجدية إلاّ أنها مغيّاة بصدور النهي ، فلا بد من الأصل.
فبضميمة الأصل تثبت إباحة واقعية للشيء بعنوانه الواقعي ، كما هو ظاهر الشيء من دون قرينة صارفة إلى الشيء بما هو مجهول الحلية والحرمة ، كما فيما إذا كان الورود بمعنى الوصول ، فانه يحدّد الموضوع ، وإباحة الشيء بعنوان أنه مجهول الحكم محل الكلام.
ثم أجاب بأن المهم دفع تبعة شرب التتن مثلا سواء كان بالحكم باباحته بما هو أو بما هو مجهول الحكم.
__________________
(١) التعليقة على فرائد الأصول / ١٢٠.