إما بعدم أمره حججه عليهم السلام بتبليغه وتعريفه للعباد.
أو باختفائه بعد تبليغ الحجج وتعريفهم إياه باخفاء الظالمين ، أو غيره من العوارض الموجبة لاختفائه.
ونسبة الحجب إليه تعالى على الأول ظاهرة ، حيث إن الحكم صار محجوبا من قبله تعالى بعدم أمره حججه عليهم السلام بتعريفه وتبليغه.
وأما على الثاني ، فلا : إما لأنه لا يصدق في حقه أنه مما حجبه الله عن العباد ، بل عرفهم إياه على لسان حججه عليهم السلام ، وإن لم يصل إلى بعضهم لعارض.
وإما لأن حجبه مستند إلى الظالمين وغيرهم لا إليه تعالى.
فان قلت : نسبة الحجب اليه تعالى بلحاظ انتهاء سلسلة الاسباب إلى رب الأرباب ، فيكون كقوله عليه السلام : كلّ ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر (١).
مع أن المقهورية في الاسباب العذرية مستندة ابتداء إلى أسباب طبيعية من نوم أو إغماء أو جنون ونحوها ، بل ليس في العالم شيء إلا وله سبب أو أسباب ، ومرجع الكل الى مسبب الأسباب.
قلت : قد ذكرنا في مبحث الطلب والارادة (٢) أن المسببات بما هي موجودات محدودة لا تنسب إلا إلى أسباب هي كذلك ، وبما هي موجودات بقصر النظر على طبيعة الوجود المطلق تنسب إلى الموجود المطلق ، لأن الفاعل الذي منه الوجود منحصر في واجب الوجود دون فاعل ما به الوجود ، فانه غير منحصر في شيء.
نعم ربما يكون الفعل المحدود بلحاظ تأثيره اثرا خارقا للعادة بغلية
__________________
(١) الكافي / ٣ : ٤١٢ لكن فيه : فالله أولى بالعذر
(٢) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٥٢.