وما ذكر من البرهان إنما يتم في ما إذا كان نفي الحكم باقتضاء الموضوع المجعول في القضية النافية موضوعا.
وأما إذا كان عدم الحكم بعدم موضوعه من باب عدم المقتضى بعدم المقتضي ، ولو لاختلاف الأزمنة ، لإناطة اقتضائه بزمان خاص ، كما في النسخ أحيانا ، فلا موقع للبرهان المزبور ، فلا كاشف عن أن موضوع الحكم المنفي غيره.
بل الأمر في الثلاثة الأخيرة من التسعة ، وهي الحسد والطيرة والوسوسة كذلك ، فان موضوع الحكم المنفي ليس إلاّ نفس هذه الثلاثة.
فالأولى الاقتصار على الجواب الأول باستظهار رافعية هذه العناوين الطارية من نفس ورود رفعها مورد الامتنان.
وأما الثلاثة الأخيرة ، فالمقتضي للرفع غلبة وقوعها حتى ورد أنه لا يخلو منها أحد ، فغلبة وقوعها مانعة عن تأثير اقتضائها للحكم امتنانا على الأمة المرحومة.
١٦ ـ قوله (قدس سره) : كيف وإيجاب الاحتياط فيما لا يعلم (١) ... الخ.
بيانه : أن ايجاب الاحتياط حال العلم بالتكليف لا معنى له.
وكذا ايجاب التحفظ حال التذكر لا معنى له.
فلا محالة لا يكون ايجاب الاحتياط إلاّ بلحاظ حال الجهل بالتكليف.
ولا يكون ايجاب التحفظ إلاّ بلحاظ الخطأ والنسيان ، فيكون الخبر دليلا على رفع آثار هذه العناوين بما هي ، لا رفع آثار ذوات المعنونات.
والجواب ما مرّ (٢) منا مفصلا : أن كون إيجاب الاحتياط مثلا من
__________________
(١) كفاية الاصول / ٣٤١.
(٢) في التعليقة ١١ من هذا الجزء.