المترتبة على الأفعال بعناوينها الأولية على كونها اقتضائية ، وحمل القاعدة كغيرها من الادلة المتكفلة لأحكام العناوين الثانية على كونها فعلية ، مدعيا أنه مقتضى التوفيق العرفي بين أدلتهما.

وتوضيحه : أن المراد من الحكم الاقتضائي ، تارة هو الاقتضائي الثبوتي ـ وأعني به ثبوت الحكم بثبوت مقتضيه ـ ويقابله ثبوته بالفعل بثبوت مختص به في نظام الوجود. وأخرى هو الاقتضائي الاثباتي ، واعني به الحكم المرتب على الموضوع بطبعه ، من دون نظر إلى عوارضه ، من كونه ضرريا أو حرجيا أو غير ذلك. فمع عدم ذلك العارض يكون فعليا ، ومع وجوده يكون اقتضائيا ، لقيام الدليل على ثبوته لنفس ذات الموضوع ، فله اقتضاء ثبوته ، ومع عدم المانع يكون فعليا.

وقد بينا في غير مقام (١) : أن الاقتضائي ـ بالمعنى الأول بالدقة ـ لا معنى له ؛ اذ ليس المقتضي بمعنى السبب الفاعلي للحكم إلا الحاكم ، والمصلحة علة غائية ، وليس ذو الغاية ، وما ينبعث عنها في مرتبة ذات الغاية ومترشحا عنها ، ليكون ثبوته بثبوتها.

كما أن المصلحة ليست كالمادة القابلة للحكم حتى يكون الحكم ثابتا بثبوتها ، بنحو ثبوت المقبول بثبوت القابل.

نعم ، المصلحة ـ لمكان ترتبها على الفعل ـ إذا وجد في الخارج لها في مرتبة تقررها الماهوي استعداد ماهوي للدعوة إلى الحكم ، بحيث لو لم يكن هناك مانع لأثر وجودها العلمي في إيجاد الحكم ، فالايجاب مثلا له شأنية الوجود ، والفعل واجب شأني ، لكنه ليس هناك ثبوت لشيء بالذات حتى يكون ثبوتا بالعرض

__________________

(١) منها في مبحث حجية الظن نهاية الدراية ٣ : التعليقة : ١٤٥. ومنها في مبحث البراءة التعليقة : ٩ و ١١.

۴۶۴۱