وحيث إن الغرض منه جعل التكليف قابلا للباعثية ، فهو واجب طريقي ، فالواجب النفسي في قبال الواجب الغيري ، والواجب الحقيقي في قبال الواجب الطريقي ، فالواجب النفسي على قسمين ، لا أن الواجب الغيري على قسمين ، إيجاب مقدمي غيري ، وايجاب للغير ، كما قيل (١) ، فانه كما مر (٢) بلا وجه ، لانحصار جعل الداعي في الواجب النفسي والواجب المقدمي الغيري ، للبرهان المتقدم.
فإن قلت : إذا كان الغرض من أوامر التفقه إيصال الواقع الذي عليه طريق تنزيلا واعتبارا ، فهو منجّز للواقع المزبور ، وإذا كان بداعي جعل الداعي ، ليحصل العلم حتى يتنجز الواقع بوصوله ، فنتيجة ترك تحصيله عدم وصول المولى إلى غرضه من الايجاب الواقعي ، فيكون تفويتا للتكليف وللغرض منه ، فما المنجز للواقع؟ حتى يستحق على مخالفته العقوبة.
قلت : الغرض من الأمر بالتفقه ، وإن كان بدوا مرتبطا بالايجاب لا بالواجب ولذا جعلناه أمرا طريقيا ، إلا أن تفويت هذا الغرض مستلزم لتفويت الغرض من الواجب.
فان قلت : سلمنا الاستلزام المزبور ، إلا أن تفويت الغرض الغير الواصل لا عقاب عليه ، والمفروض أن الغرض من الواجب الواقعي غير واصل ، لعدم العلم لا حقيقة ولا تنزيلا.
قلت : الأمر بالتفقه حجة بالمطابقة على الغرض من التفقه ، وهو صيرورة الايجاب الواقعي باعثا ، وحجة بالالتزام على الغرض من الواجب الواقعي ؛ لأن الايجاب الواقعي مقدمة لحصول الغرض من الواجب الواقعي بتحصيله ، والحجة على العلّة حجة على معلولها ، فتفويت الغرض من التكليف تفويت
__________________
(١) القائل هو قده في المتن.
(٢) في أوائل هذه التعليقة.