فان التكليف الواقعي يقتضي جعله فعليا بايجاب الاحتياط المصحح للمؤاخذة فهي أثر الأثر.
فالتعبد برفع الواقع تعبد بأثره ومقتضاه ، وهو عدم ايجاب الاحتياط ، وهو موضوع الاستحقاق هذا.
لكنك قد عرفت (١) في مباحث القطع والظن ، أن استحقاق العقاب بحكم العقل موضوعه مخالفة التكليف الواصل المنطبق عليها الظلم ، لكونها خروجا عن زيّ الرقية ورسم العبودية.
وليست نفس المخالفة مقتضية للاستحقاق ووصول التكليف شرطا ، إذ الحكم بالاستحقاق بالاضافة إلى مخالفة التكليف الواصل المنطبق عليها الظلم حكم بالاضافة إلى موضوعه.
وقد مرّ (٢) مرارا أن الحكم لا يترشح من مقام ذات موضوعه ، بل سببه الفاعلي هو الحاكم.
ومعنى كون الحكم باقتضاء موضوعه ، أن الفائدة المترقبة من موضوعه غاية داعية للحاكم ، لا بمعنى المقتضي الذي يترشح منه مقتضاه حتى يعقل اشتراط تأثيره بشيء.
ومن الواضح أن الغاية الداعية للعقلاء الى البناء على مدح فاعل بعض الأفعال وذم فاعل بعضها الآخر ، كون العدل مثلا بعنوانه مما ينحفظ به النظام ، وكون الظلم بعنوانه مما يختل به النظام ، وانحفاظ النظام هي الفائدة المترقبة من العدل ، واختلال النظام هي المفسدة المترتبة على الظلم.
__________________
(١) مبحث حجية القطع : التعليقة ١٠ ومبحث حجية الظن : التعليقة ١١٩. نهاية الدراية ٣.
(٢) منها في مبحث حجية القطع : التعليقة ٤١ و ٤٥. ومبحث الانسداد التعليقة ١٤٥. نهاية الدراية ٣.