وفيه : إن أريد أصل العذاب الدنيوي ، فالعذاب الأخروي منفي بالأولوية ، فانه أعظم وأدوم ، وتوقف الأخف على إتمام الحجة يقتضي توقف الأشد بالأولوية.

وان اريد المعاجلة بالعقوبات الدنيوية ، فلا مجرى لها في العقوبة الأخروية ، حيث لا يتصور فيها المعاجلة ، لكونها في حد ذاتها مؤجلة.

إلا أن الآية بناء على تسليم إرادة العذاب الدنيوي ناظرة إلى أصله ، لا إلى المعاجلة به ، فتدبر.

كما أنه ربما يورد (١) على الاستدلال بها بأن ظاهرها عدم وقوع التعذيب منه سابقا قبل البعث ، فيختص بالعذاب الدنيوي الواقع في الأمم السالفة.

وفيه : أن مساقها ظاهر في أنه سنة الله تعالى في عباده.

وهذه الأمة المرحومة أولى بالعناية والرعاية.

ومن حيث العقوبة الدنيوية قد عرفت ما فيها من الأولوية.

وأما ما عن شيخنا العلامة (قدس سره) في الجواب من أن الأفعال المنسوبة إليه تعالى منسلخة غالبا عن الزمان (٢).

فقد حققنا في مبحث المشتق من أن الفعل الزماني لا يكون إلا لفاعل زماني ، ومع ذلك فالافعال المنسوبة إليه تعالى كالأفعال المنسوبة إلى غيره من حيث الدلالة على الزمان ، إما بمعيّته القيوميّة مع الزمان ، فمع السابق سابق ، ومع اللاحق لا حق ، وإما بلحاظ سبقه بملاك السبق الزماني ، وهو عدم مجامعة المتأخر مع المتقدم في الوجود ، وإما بوجه آخر ، فراجع مبحث المشتق (٣) ، وتدبر.

__________________

(١) المورد هو الشيخ الأعظم قده فرائد الاصول المحشى ٢ / ٨.

(٢) التعليقة على فرائد الأصول / ١١٤.

(٣) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٠٦.

۴۶۴۱