غاية الأمر أنه لم يكن العلم منجزا للخروج عن مورد الابتلاء ، وبعد دخول الملاقى ـ بالفتح ـ يؤثر العلم بالتكليف أثره.
وكان منشأ التوهم ؛ أن البول المعلوم أو الخمر المعلوم أو ما أشبه ذلك مردد بين الإناءين ، وليس الملاقي طرفا لهذا العلم.
ويندفع : بأن الغرض من الطرفية ليس انطباق عنوان البول أو الخمر أو جامع آخر على كل من الطرفين ، بل مجرد الطرفية للتكليف الصالح للتنجّز.
ومن البيّن حصول العلم الوجداني بأن هذا نجس أو ذاك متنجس ، فيجب الاجتناب على أي تقدير شرعا ، فيتنجز بالعلم به عقلا.
وربما يقال (١) : بأن العلم حيث إنه طريقي لم يؤخذ على وجه الصفتية ، فالعبرة حينئذ بسبق المعلوم ، وإن كان العلم به متاخرا في الوجود ، وحيث إن الملاقى ـ بالفتح ـ سابق بالرتبة على الملاقي ـ بالكسر ـ فهو يتنجّز قبل تنجّز الملاقي ـ بالكسر ـ بسبب العلم الثاني وإن كان متأخرا.
ويندفع : بأن الطريقية لا يقتضي إلا أن المعلوم السابق إذا كان له أثر يترتب عليه فعلا ، لترتبه على وجوده لا على العلم به ، فاذا لاقاه شيء قبل العلم به يترتب عليه فعلا أثر ملاقاة النجس ، ولا مجال لتوهم لزوم الملاقاة بعد العلم بالنجس.
وأما عدم تأثير العلم الاجمالي الأول فلا معنى له ، لأن مجرد وجود شيء واقعا سابق في الرتبة لا يعقل أن يكون بوجوده مانعا عن تأثير العلم الوجداني ، ووجوده العلمي المتأخر يستحيل أن يمنع فعلا عن تأثير العلم الاجمالي ؛ لأن المعدوم حال وجود المقتضي وترقب تاثيره لا يعقل أن يكون مانعا عن تأثيره.
ومانعيته عن تأثير العلم الأول بقاء توجب الدور ؛ لأن مانعيته فرع كونه
__________________
(١) القائل هو المحقق النائيني قده ، أجود التقريرات ٢ / ٢٦٣.