المفيض للصور على المواد القابلة تام الفاعلية ، لا نقص في فاعليته ، حتى يخرج من القوة إلى الفعل بما يصحح فاعليته فلا محالة يكون الشرط بمعنى متمم قابلية القابل.
فالمانع إذا كان مقارنا لذات المادة ، فلا توجد المادة قابلة مستعدة لافاضة الصورة عليها كعدم البيان المقارن للعمل.
وإذا كان لاحقا لها فهو مسقط لها عن القابلية والاستعداد لإفاضة الصورة عليها ، كالتوبة والحسنة المكفرة للسيئة ، ولا نعني بالاستحقاق وعدمه إلا استعداد المادة لافاضة صورة العذاب عليها وعدمه.
وعليه فعدم الفعلية ملازم لعدم الاستحقاق ، وتمامية القبول والاستعداد إما حدوثا كما فيما نحن فيه ، وإما بقاء كما في الموانع المتأخرة عن العمل.
وان قلنا بالثاني فان كان استحقاق العقاب بحكم العقلاء ، فمعناه ـ على ما مر (١) في بيان الأحكام العقلية المبنية على التحسين والتقبيح العقلائيين ـ كون الفعل بحيث يصح ذم فاعله عليه ، وذم الشارع عقابه ، ومعنى استحقاق الثواب كونه بحيث يحسن مدح فاعله عليه ، ومدح الشارع ثوابه ، فمع وجود المانع عن الذم والعقاب لا يصح الذم ، فليس كون الفعل فعلا بحيث يحسن ذم فاعله عليه إما حدوثا ، كما فيما نحن فيه وإما بقاء ، كما في الموانع المتأخرة عن الفعل.
فإن قلت : إذا كان عدم البيان مانعا عن فعلية الذم كان مساوقا لعدم الاستحقاق ، وعدم صحة الذم والعقوبة.
وأما إن كان عدم فعلية الذم منة منه تعالى على الفاعل ، فلا ينافي صحة الذم ، وإنما لا يذمه فضلا منه تعالى ، وامتنانا على العبد.
__________________
(١) راجع تعليقته ذيل قول المصنف قده لقاعدة الملازمة ، حيث قال فيها : وأما إمكان الحكم المولوي ... الخ نهاية الدراية ٣ : التعليقة ١٤٥.