الشوق كما مرّ مرارا (١) تتعلق بالحاصل من وجه المفقود من وجه آخر ، فلا يعقل تعلقها بالحاصل من كل وجه. والشوق إلى حصول الحاصل ثانيا لا يعقل ، لأن الوجود لا يعرض الموجود ، لأن المماثل لا يقبل المماثل ، فطلبه محال من العاقل.
وإن اريد منه البعث ، فحيث إنه ايجاد تسبيبي من الباعث يرجع الى ايجاد الموجود وهو محال.
قلت : قد يتعلق الطلب بما هو مفروض الحصول بعلته ، فالأمر فيه كما مر.
وقد يتعلق بالشيء في عرض علته المفروضة ، فليس لازمه طلب الحاصل ، لأن طلب الحاصل بنفس الطلب ليس فيه محذور ، بل فيه اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد ، وصدور الواحد عن الكثير محال.
هذا إذا فرض الترك بالداعي ، وأما إذا فرض الترك بعدم الداعي فمحذوره أمر آخر ، وهو أن ابقاء العدم على حاله بالزجر والردع بملاحظة صيرورته مانعة (٢) عن حصول الداعي إلى الفعل ، ومع عدمه لا يعقل المانعية والزاجرية ، فان الشيء لا يتصف بفعلية المانعية إلا مع فعلية المقتضي.
والجواب : عن الكل ما مرّ من أن العلية والمانعية في النهي الحقيقي بالامكان لا بالفعلية ، كي يلزم منه المحاذير المتقدمة.
٧٨ ـ قوله ( قده ) : كان المرجع هو البراءة (٣) ... الخ.
للشك في التكليف الفعلي ، وهو مرفوع بأدلة البراءة ، وعدم البيان والحجة على التكليف الفعلي ، فالعقاب عليه قبيح.
__________________
(١) منها ما تقدم في مبحث اجتماع الأمر والنهي. نهاية الدراية ١. التعليقة ٦٢ ومنها في مبحث حجية القطع نهاية الدراية ٣ : التعليقة ٤٦ ومنها في التنبيه الثاني من تنبيهات البراءة. التعليقة ٤٧.
(٢) كذا في الأصل ، لكن الصحيح : مانعا.
(٣) كفاية الاصول / ٣٦١.