إلا بوجوده العلمي الواقع في موطن الدعوة ، لا بوجوده الواقعي الخارج عن أفق النفس.

ومجرد الالتفات اليه من دون وصوله الحقيقي بالعلم التصديقي ـ لا يحقق دعوته على أي تقدير ، لما مرّ (١) سابقا ان صورة الأمر الحاضرة في النفس لها الدعوة بالذات ، ومطابقها الخارجي له الدعوة بالعرض ، كالمعلوم بالذات والمعلوم بالعرض ، والمراد بالذات والمراد بالعرض.

فاذا أريد دعوة الانشاء الخارجي بالعرض على أي تقدير ، فلا بد من حضوره العلمي دون الاحتمالي فان الأمر الخارجي حينئذ لا يكون داعيا بالعرض ، إلا على تقدير المطابقة ، والمفروض جعل الانشاء داعيا ، لا جعل الانشاء الاحتمالي ، بل يستحيل جعل الانشاء المحتمل داعيا لزوميا ؛ إذ مع وصوله فبوصوله يتنجز ، وإلاّ فبمجرد احتماله لا يتنجز ، فيلغو الانشاء بهذا الداعي.

ولا يقاس بباب الاحتياط ، فان وصول الأمر الاحتياطي ينجز الأمر الواقعي المحتمل فما هو الواصل غير ما هو المحتمل.

ثانيهما : أن الانشاء بداعي جعل الداعي لا يدعو في نفوس العامة إلا باعتبار ما يترتب على مخالفته من العقوبة ، فما لم يصل بنحو يستحق على مخالفته العقاب لا يمكن أن يكون داعيا ، فلا بد من وصوله تحقيقا لدعوته.

ومنها : أن العلم الاجمالي المصطلح عليه في هذا الفن لا يفارق العلم التفصيلي في حد العلمية ، وليسا سنخين من العلم ، نظرا إلى تعلق الاجمالي بالمردد ، لما مر (٢) مرارا ان المردد بما هو مردد لا ثبوت له ذاتا ووجودا ، ماهية ، وهوية ، فلا

__________________

(١) التعليقة : ٥٥.

(٢) منها ما تقدم في مبحث القطع نهاية الدراية : ٣ ، التعليقة : ٤١ ومنها ما تقدم في مباحث الألفاظ نهاية الدراية : ٢ ، التعليقة : ٣٤. ومنها ما تقدم في رد الاخباريين حيث قالوا بلزوم الاحتياط بحكم

۴۶۴۱