أما بالاضافة إلى حسنه عقلا ، فلأن ما يخل بالنظام قبيح عندهم ، بل قد مرّ مرارا (١) أن ملاك الحسن والقبح العقليين كون الشيء ذا مصلحة ينحفظ بها النظام ، أو ذا مفسدة يختل بها النظام.
وأما بالاضافة إلى وجوبه أو استحبابه الشرعي فلأنها بداعي جعل الداعي ، ومع قبح الاحتياط المخل بالنظام في نظر العقل لا يعقل تصديق الجعل منه ، فيلغوا البعث قهرا.
بل نقول : إن نفس التكليف الواقعي ـ الذي يقتضي الجمع بين محتملاته الاخلال بالنظام ـ لا يبقى عليه فعلية الباعثية والزاجرية ، لا من حيث إنه يقتضي ما يخل بالنظام ؛ لأن مقتضاه نفس متعلقه ، وهو قطعا لا يخل بالنظام ، بل الاخلال في تحصيل العلم بامتثاله ، وليس ذلك من مقتضيات نفس التكليف ولو بالواسطة ، كما قدمنا شرحه في أوائل (٢) دليل الانسداد.
بل من حيث إن العقل بعد ما لم يحكم بتحصيل العلم بامتثاله لا معنى لبقائه على صفة الدعوة الفعلية كما قدمناه هناك (٣)
وأما ما في المتن من أن الاحتياط قبل الاخلال يقع حسنا ، وبعد لزوم الاختلال منه لا يكون حسنا ، فهو بالاضافة إلى الجمع بين الاحتياطات بالنسبة إلى تكاليف متعددة ، لا بالاضافة الى الجمع بين محتملات تكليف واحد ، فانه مبني على إمكان الانفكاك بين الموافقة القطعية وترك المخالفة القطعية. فتدبر.
__________________
(١) منها في مبحث حجية القطع التعليقة ١٠. ومنها في مبحث الظن التعليقة : ٥١ و ١٤٥ نهاية الدراية ٣.
(٢) نهاية الدراية ٣ : التعليقة ١٣٠.
(٣) في التعليقة : ١٢٨.