ومن جميع ما ذكرنا تبين أن ملاك البراءة عدم فعلية الحكم بعدم الوصول كبرى وصغرى ، من دون فرق بين كون القضية حقيقية أو خارجية. فأخذ (١) القضية حقيقية مقدمة للبراءة ـ وأن فعلية الحكم بفعلية موضوعه بخروجه عن حد الفرض والتقدير ـ مقدمة مستدركة.

ولذا إذا كانت القضية خارجية كانت فعلية الحكم بالوصول أيضا ، كما إذا قال لا تشرب هذه الخمور الموجودة في الدار ، وتردد أمر مائع بين كونه منها وعدمه ، فانه قطعا مجرى البراءة ، مع أن القضية خارجية ، فتدبره فانه حقيق به.

ومما ذكرنا تبين أنه لا شك في [ عدم ](٢) فعلية الحكم الواقعي المحتمل ، بل ما ذكرنا برهان على عدم فعليته من دون وصول النوبة إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وأما مع قطع النظر عن ذلك وملاحظة قاعدة قبح العقاب بلا بيان ومقتضاها في الشبهة الموضوعية ، فنقول : ليس المراد بالبيان ما هو وظيفة الشارع ، وهو بيان الكبرى حكما وموضوعا ، حتى يتوهم حصوله ، وأن بيان الموضوع الجزئي ليس وظيفة الشارع.

بل المراد قبح العقاب بلا مصحح للعقوبة والمؤاخذة عقلا وشرعا ، وان لم يكن مصداقه وظيفة الشارع.

وقد بينا مرارا ان (٣) مخالفة التكليف الواقعي بما هي ليست مصححة للعقوبة عقلا ، بل بما هي ظلم على المولى وخروج عن زي الرقية ورسم العبودية.

وكما أن مخالفة التكليف الذي لا حجة على أصله ولا على متعلقه كلية ليست ظلما ، إذ ليس من زي الرقية اتيان ما لا حجة عليه من قبل المولى أو

__________________

(١) كما ذهب اليه المحقق النائيني قده. اجود التقريرات ٢ / ٢٠٠.

(٢) أثبتناه لضرورة السياق.

(٣) منها ما تقدم في مبحث حجية القطع : التعليقة ١٠ و ٤١ و ٥٥. نهاية الدراية ٣.

۴۶۴۱