ولا يخفى عليك أن الغرض من الانشاء بداعي جعل الداعي ، حيث إنه جعله بنفسه داعيا على أي تقدير ، فلا محالة يكون بوجوده الواصل حقيقة داعيا ـ لما مر سابقا (١) ـ من أن المعلول الفعلي لا ينبعث عن علة تقديرية ، بل عن علة فعلية.
فالأمر المحتمل بصورته الحاضرة في النفس داع بالذات على أي تقدير ، والأمر الخارجي المطابق له داع بالعرض ، كالمعلوم بالذات والمعلوم بالعرض ، والمراد بالذات والمراد بالعرض.
ففي صورة احتمال الأمر لا يكون الأمر الخارجي الداعي بالعرض داعيا على أي تقدير ، بل على تقدير تحققه ومطابقته للصورة الحاضرة للنفس.
فاذا كان الانشاء الواقعي المفروض تحققه بداعي جعل الداعي حقيقة ، فهو بعنوان جعل الداعي بالعرض على أي تقدير ، ولا يعقل أن يكون كذلك إلا بنحو وجوده الواصل في وجدان العقل ، وإلا ففي صورة احتماله لا يكون داعيا بالعرض على أي تقدير.
وكذا الأمر بالاضافة إلى عنوان متعلقه ، فان جعله داعيا إلى الشرب بعنوانه يستدعي إحداث الشوق اليه بعنوانه لا الى احتماله.
وكذا بالاضافة إلى ما أضيف إليه المتعلق عنوانا ومعنونا.
نعم إذا قام الدليل على تنجيز المحتمل كان ذلك راجعا إلى جعل وجوده المحتمل داعيا.
أو إذا (٢) كان من باب جعل الحكم المماثل كان في الحقيقة جعل الحكم المماثل الواصل داعيا حقيقة بعنوان أنه الواقع ، فهو الداعي بالحقيقة ، والحكم الواقعي داع عنوانا وبالعرض.
__________________
(١) التعليقة : ٥١.
(٢) هكذا في الأصل لكن الصحيح : وإذا.