الحسن العقلي والقبح العقلي ليس إلا كون الفعل ممدوحا عليه عند العقلاء وكونه مذموما عليه عندهم ، ومدح الشارع ثوابه وذمه عقابه.
وأما الوعد بالثواب الخاص فليس من الشارع بما هو عاقل ، وإلا لحكم به سائر العقلاء ، بل بما هو شارع ترغيبا في فعل تعلق به غرض مولوي ، فيكشف عن محبوبية مولوية ومطلوبية شرعية.
غاية الأمر أن محبوبية ما وعد عليه بالثواب الخاص ، تارة : مفروض الثبوت ، كالوعد بالمثوبات الخاصة على الواجبات والمستحبات المعلومة. وأخرى :
غير مفروض الثبوت ، فيستكشف ثبوتها بجعل الثواب الخاص ، فيكون من باب جعل الملزوم بجعل لازمه والترغيب فيه.
وأما ما عن شيخنا العلامة الأنصاري (قدّس سره) في رسالة البراءة (١) من أن مدلول هذه الأخبار إخبار عن تفضل الله سبحانه على العامل بالثواب المسموع ، فهو نظير قوله تعالى ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها )(٢) فهو ملزوم لأمر إرشادي يستقل به العقل بتحصيل ذلك الثواب المضاعف.
ففيه : أن التفضل بالمثوبات الخاصة غير مناف لانبعاثها عن غرض مولوي يستدعي مطلوبية شرعية ؛ إذ كل إحسانه تفضل وكل نعمه ابتداء. واستقلال العقل بتحصيلها بعد وعد الشارع بها أمر ، ووعد الشارع بها بعنوان الارشاد إلى الثواب العقلي أمر آخر.
ومقتضى الأخبار هو الوعد على العمل بثواب خاص لا يحكم به العقل ، فكيف يكون إرشادا؟
وحيث إن الثواب الخاص ليس مقتضى حسنه عقلا فلا بد من أن يكون من حيث رجحانه شرعا ، إذ المفروض ترتيبه على العمل ، فهو باقتضائه لا محالة ،
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى ٢ / ٥٦.
(٢) الانعام : ١٦٠.