والجواب عنه ـ كما في حاشية الأصفهاني (١) بتوضيح منا ـ : ان الواجب هو طبيعي الفعل في طبيعي الوقت ، فان للوقت حركتين توسطية وهي حركة من المبدأ إلى المنتهى ، وقطعية وهي كل آن آن ، فالمتوهم توهم ان الواجب هو الفعل الملحوظ مع الحركة القطعية ، بمعنى ان الفعل في كل آن ، فيرد الإشكال المذكور حينئذ. ولكن الأمر ليس كذلك ، بل الواجب هو الفعل المقيد بطبيعي الوقت بنحو الحركة التوسطية ، فيكون وجوب الفعل في كل آن وجوبا عقليا تخييريا لتطبيق طبيعي الفعل المقيد بطبيعي الوقت على كل فرد فرد عقلا ، والتخيير العقلي ليس خلف الفرض ، فانه لا يتنافى مع كون الوجوب الشرعي تعيينيا.
وبعد ذلك يقع الكلام في جهات :
الجهة الأولى : في دلالة الدليل الدال على الواجب الموقّت ـ موسعا كان أو مضيقا ـ على وجوب الفعل خارج الوقت.
والتحقيق : عدم دلالة الدليل عليه ـ كما عليه صاحب الكفاية (٢) ـ ، إذ لا وجه للدلالة لو لم يلتزم بالدلالة على عدم الوجوب عملا بمفهوم الغاية ، فان المدعى في التوقيت بغاية دلالته على نفي الحكم بعد حصول الغاية ، وغاية ما يذكر هناك هو إنكار هذه الدلالة ودعوى سكوت الدليل عما بعد الغاية. اما دلالته على ثبوت الحكم بعد الغاية فلا يدعيه أحد.
وقد ادعى الفرق بين كون التقييد بالوقت بدليل متصل وكونه بدليل منفصل. فلا دلالة في الأول واما في الصورة الثانية فيدل الدليل على ثبوت الحكم بعد الوقت لظهور التقييد المنفصل في كون التقييد بنحو تعدد المطلوب لا وحدته ، فإذا انتفى أحدهما بقي الآخر على حاله.
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٥٧ و ٣ ـ ٢٨٦ ـ الطبعة الأولى.
الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. الأصول على نهج الحديث ـ ٤٣.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٤٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.