وجوب وسط بين الوجوب التعييني والاستحباب. فملخص دعوى صاحب الكفاية : ان الوجوب التخييري سنخ وجوب يعرف بآثاره ولوازمه كوحدة العقاب على ترك الفعلين وعدم جواز ترك كل منهما لا إلى بدل (١).
ويمكن ان نوضحه : بأنه إرادة وسط بين الإرادة الاستحبابية والإرادة الوجوبية ، فهي أقوى من إرادة الاستحباب ولذا لا يجوز ترك متعلقها مطلقا وأضعف من إرادة الوجوب ولذا يجوز ترك متعلقها إلى بدل ، بخلاف إرادة الوجوب فانه لا يجوز ترك متعلقها أصلا.
وهذا الاختيار وان كنا قد قربناه وقويناه سابقا ودفعنا ما يخدش به ، حتى قيل أنه ناش عن عدم تصور الوجوب التخييري ، وإلاّ فما هو ذلك السنخ من الوجوب وما تحديده؟ ـ ونظير ذلك ما ورد منه قدسسره في تعريف الوضع من انه نحو اختصاص ، فكان مورد الاعتراض لعدم تحديده ذلك النحو ـ لكن الّذي يبدو لنا فعلا انه لا يخلو من مناقشة وذلك لوجهين :
الأول : انه يتنافى مع ما يراه الوجدان في الواجبات التخييرية العرفية من ثبوت وجوب واحد لا وجوبين.
الثاني : انه لو فرض تعدد الوجوب وانه سنخ خاص منه ينشأ عن مرتبة معينة من الإرادة ، فما هو الوجه في سقوطه عن أحدهما عند الإتيان بالآخر؟.
وبتعبير آخر نقول : انه بعد فرض تعدد الوجوب وتعلقه بكل من الفردين معينا ، فلو جاء المكلف بأحد الأمرين اما ان لا يسقط الوجوب المتعلق بالآخر أو يسقط؟ ، فان التزم بعدم سقوطه كان ذلك منافيا لما هو الثابت الّذي لا إشكال فيه من سقوط الوجوب وعدم بقائه عند الإتيان بأحد الأمرين. وان التزم بسقوطه كان ذلك التزاما بتقييد وجوب أحدهما بترك الآخر وعدمه ، وهو غير
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٤٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.