بما يرجع عدم قدرة عليه إلى قصور في المكلف لا في نفسه ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، فان عدم القدرة على امتثال كلا التكليفين والإتيان بمتعلق أحدهما عند الإتيان بمتعلق الآخر من جهة قصور في نفس العمل لأن ذلك جمع بين الضدين وهو محال في نفسه وخارج عن مقسم العجز والتمكن ، فالتكليف فيما نحن فيه من باب التكليف بالمحال ـ وهو الجمع بين الضدين ـ لا من باب التكليف بغير المقدور ، فهما يختلفان موضوعا فلا يتجه قياس ما نحن فيه على باب اشتراط القدرة.

الثاني : لو تنزلنا وسلمنا اتحاد القسمين موضوعا وانهما من باب واحد وهو التكليف بغير المقدور بإرجاع التكليف بالمحال إليه فهما يختلفان ملاكا ، بمعنى ان الملاك في استحالة التكليف بما يعجز عنه المكلف في نفسه غير الملاك في استحالة التكليف بغير المقدور من جهة المزاحم ، وهو ما نحن فيه ، لأن متعلق كل منهما مقدور في نفسه لا قصور فيه ، وانما ينشأ عدم القدرة من جهة المزاحم.

وذلك لأن ملاك عدم التكليف بغير المقدور في نفسه اما قبح تكليف العاجز ـ بنظر العقل ـ كما هو المشهور. واما دعوى اقتضاء التكليف نفسه الاختصاص بالمقدور ، لأنه لإيجاد الداعي وتحريك المكلف نحو العمل وهو يتصور بالنسبة إلى الفعل المقدور كما عليه المحقق النائيني على ما سبق بيانه مفصلا.

اما ملاك عدم التكليف بغير المقدور من جهة المزاحم فهو يتقوم بأمرين :

أحدهما : عدم إمكان وجود الأمرين بالضدين بعد فرض عدم قدرة المكلف إلا على أحدهما ، فبقاء كل من الأمرين ممتنع.

ثانيهما : انه مع لزوم رفع اليد عن أحدهما وكان أحدهما أرجح من الآخر ، فرفع اليد عن الأرجح لازمه ترجيح المرجوح على الراجح وهو ممتنع ، فيتعين سقوط المرجوح فسقوط المرجوح ملاكه هذان الأمران وهما أجنبيان عن ملاك

۵۲۶۱