الأمرين ، لأن مرجع الأمر بالمهم إلى طلب سدّ باب العدم من جميع الجهات غير جهة وجود الأهم ، لأخذ عدم الأمر بالأهم في موضوع الأمر بالمهم ، ولا تنافي بين قيام المولى بصدد سدّ باب العدم في طرف الأهم من جميع الجهات حتى جهة وجود ضده المهم ، وقيامه بصدد سدّ باب عدم المهم في ظرف انفتاح عدم الأهم اتفاقا ، إذ لا محركية له نحو طرد عدم المهم إلا في ظرف عدم الأهم من باب الاتفاق.
وقد أفاد رحمهالله بان صحة الترتب ـ بهذا البيان ـ لا تتوقف على كونه بنحو الواجب المشروط ، بل يصح بنحو الواجب المعلق ، فيكون الأمر بالمهم فعليا ، لكنه بالفعل على تقدير العصيان وعدم الأهم اتفاقا ، إذ لا اقتضاء له في هذا الحال نحو عدم الأهم فلا منافاة بين الأمرين (١).
ولكن هذا البيان لا يخلو عن مناقشة من وجهين :
الأول : ان تصحيح الترتب بنحو الواجب المعلق يبتني على الالتزام بالواجب المعلق ، وقد عرفت ما فيه من الكلام ، فلا يلزم بهذا القول من يرى امتناع الواجب المعلق.
الثاني : ان الترتب وان رفع اجتماع المقتضيين المتنافيين في طرف الأهم لتعليق الأمر بالمهم على عدم الأهم من باب الاتفاق ، فلا اقتضاء له نحو عدمه كي ينافي الأمر بالأهم الّذي له اقتضاء نحو وجوده ، إلا انه لا يرتفع به اجتماعهما في طرف المهم ، لأن الأمر به على تقدير العصيان يكون فعليا ، فله اقتضاء نحو وجوده ، والمفروض ان الأمر بالأهم في هذا الحال فعلي لإطلاقه ، فله اقتضاء عدمه ، فيلزم المحذور من طلب الضدين.
هذا إذا لوحظ ما هو ظاهر البيان من أن المحذور في طلب الضدين هو
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٣٤ ـ الطبعة الأولى.