وجهنا به كلام المحقق النائيني ، لكنه في الحقيقة مستقى منه ومستوحى عنه.
والاختلاف بين المحققين في ان المحقق الأصفهاني فرض المحذور في اجتماع طلب الضدين هو التنافي بينهما في مرحلة تأثيرهما الفعلي ومحاولة كل منهما صرف القدرة إلى متعلقه ، وهو يرتفع بالترتب بالتقريب الّذي عرفته. واما المحقق النائيني فقد فرض المحذور هو طلب الجمع بين الضدين ، وجعل مصب كلامه نفي ذلك ، ولكن كلامه ـ على ما قربناه ـ لا يرتبط برفع هذا المحذور ، ولعله عدل عن ذلك أو ان نظره من أول الأمر إلى ما ينظر إليه المحقق الأصفهاني من ان طلب الجمع يعني تحقيق التزاحم بين الأمرين في مقام تأثيرهما الفعلي ، ولأجل ذلك أغفله بالمرة في هذه المقدمة.
وعلى أي حال فقد تحصل لدينا في تصحيح الترتب وجهان :
أحدهما : ما ذكرناه توجيها لكلام المحقق النائيني من ان داعوية كل منهما تفترق زمانا عن داعوية الآخر ، فداعوية الأهم محدودة بالعصيان لعدم نظر الأمر إلى ما وراء العصيان ، لأنه مما لا يقبل النّظر لا بالإطلاق ولا بالتقييد ، وداعوية المهم تبتدي بالعصيان لتعليقه عليه ، فأي تزاحم بين الأمرين حينئذ.
ثانيهما : ما ذكره المحقق الأصفهاني من ان الترتب يستلزم نفي فرض وصول كل من الأمرين إلى مرحلة التأثير الفعلي في ظرف واحد ، بل فرض فعلية تأثير أحدهما مساوق لفرض عدم وصول الآخر إلى حد التأثير الفعلي ، فيرتفع به أساس المحذور وهو التزاحم في مقام التأثير الفعلي. فانه انما يتصور لو فرض إمكان وصول كل منهما إلى حد التأثير الفعلي في زمان واحد.
وبكلا هذين الوجهين يرتفع إشكال صاحب الكفاية على الترتب : بان الأمر بالمهم وان كان لا يزاحم الأمر بالأهم لأنه في طوله ، لكنّ الأمر بالأهم بإطلاقه يطارد المهم ويزاحمه.
فانه يدفع : بان المقصود ان المحذور ان كان ناشئا عن إطلاق الأهم