المهم ، وبذلك لا تتحقق أي مزاحمة بين الأمرين في مقام الداعوية والتأثير ، فلا مانع من وجودهما في زمان واحد.

وقد أوضح المحقق الأصفهاني هذا المعنى ببيان مختصر. أجمع ، فأفاد قدس‌سره : بان التنافي بين الأمرين انما هو ناشئ من تزاحمهما في مقام المؤثرية الفعلية ، لأن كلا منهما يحاول التأثير الفعلي لإتيان متعلقه ، فان الغرض من الأمر هو ذلك ، والمفروض عدم القدرة على أكثر من واحد ، وبالترتب ترتفع هذه المنافاة وينتهي التزاحم في مقام الدعوة الفعلية بحيث لا يتصور فعلية دعوة أحدهما مع فعلية دعوة الآخر ، وذلك لأن الأمر بالمهم إذا علق على عصيان الأهم ، ففي فرض فعلية تأثير الأهم لا موضوع للأمر بالمهم فلا وجود له كي يتخيل مزاحمته للأهم. وفي فرض فعلية تأثير المهم يستحيل تصور مزاحمته لفعلية تأثير الأهم ومانعيته عنه ، لأن المفروض ان اقتضاء المهم منوط بعدم فعلية تأثير الأهم ، فكيف يتصور ان تكون فعلية تأثيره اللاحقة لاقتضائه مانعة عن فعلية تأثير الأهم؟.

وبالجملة : لا يتصور فعلية تأثير المهم مع وصول الأهم إلى مرحلة الفعلية في التأثير ، لأنه بوصوله إلى ذلك ترتفع فعلية تأثير المهم بارتفاع نفس الأمر ، فلا يعقل ان يصل كلا الأمرين الترتبيين إلى مرحلة الفعلية في التأثير في زمان واحد ، بل الفرض الّذي يصل فيه أحدهما ـ أيهما كان ـ إلى مرحلة الفعلية في التأثير مساوق لفرض عدم وصول الآخر إلى حد التأثير الفعلي ، وإذا تبين ارتفاع التزاحم في التأثير ظهر صحة الترتب ، إذ لا محذور في جعل كلا الأمرين ما لم ينته إلى التزاحم في التأثير الفعلي (١).

وهذا البيان وان كان يختلف بحسب الصورة عن البيان السابق الّذي

__________________

(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٤٣ ـ الطبعة الأولى.

۵۲۶۱