فذهب المحقق العراقي إلى تعلق الوجوب الغيري بالمقدّمة الموصلة ، لكن لا بنحو أخذ الإيصال قيدا ، بل هو مأخوذ بنحو القضية الحينية نظير حمل النوع على الإنسان ، فانّه لا يصح إلاّ عند لحاظ الإنسان ، مع انّ الموضوع ليس هو الإنسان المقيّد باللحاظ ، لأنّه كذلك يكون جزئيا ذهنيا لا نوعا كليا ، وانّما الموضوع هو الإنسان في ظرف اللحاظ وحينه ، ونظير تقيد الأوامر الضمنية المتعلقة بالاجزاء بعضها ببعض ، فانّ الأمر الضمني المتعلق بكل جزء لا يكون متعلقا به مستقلا ، بل عند تعلق مثله بالجزء الآخر ، لكن لا بنحو يكون مقيّدا به فهو غير مقيّد ولا مطلق.

وعليه ، فالواجب الغيري هو المقدّمة في حين الإيصال أو الحصة التوأم كما يعبر بها كثيرا بنحو لا يؤخذ الإيصال قيدا ، فلا يرد عليه أي محذور (١).

أقول : قد تكرر من المحقق العراقي (٢) هذا المعنى في موارد متعددة وأصر عليه بنحو جديّ وجزمي ، ولكنّا لا نقرّ تطبيقه فيما نحن فيه.

بيان ذلك : انّ القضية الحينية انّما تكون معقولة في المورد الّذي لا يكون الإطلاق معقولا ، سواء كان التقييد معقولا أو غير معقول ، إذ لا لزوم للتقييد في حصر الحكم بالحصة الخاصة ، لأنّه بحكم طبعه لا يتعدى عنها ـ كما عرفت ـ والّذي يحضرنا بذلك موردان :

أحدهما : ما مثّل به من : « الإنسان نوع » ونحوه ممّا يعبر عنه بالمعقولات الثانوية التي يفرض كون موطن الحمل بها الذهن ولا واقع لها سواه ، وحينئذ فيمتنع ان يكون الموضوع مجردا عن اللحاظ ومطلقا من جهته ، إذ لا معنى للوجود الذهني سوى اللحاظ ، كما يمتنع هاهنا التقييد به ، لأنّ اللحاظ يوجب

__________________

(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ١ ـ ٣٤٠ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) قد مرّ ذلك في المعنى الحرفي في تفسير كلام صاحب الكفاية فراجع.

۵۲۶۱