المقدّمة في الجملة فيها ، وعليه فلا يلزم ان لا يكون ترك الواجب مخالفة وعصيانا (١).
وما ذكره من ان الإيصال ليس قيدا للجواز بل هو قيد لتحقق الجائز ، نظير أجزاء الصلاة ، فانّ كلا منها واجب بالوجوب الضمني ولو لم يأت بالآخر ، إلاّ أن اتصاف المأتي به بالوجوب يتوقف على الإتيان بغيره.
وقد يوجه كلام صاحب الكفاية ويدفع كلام النائيني بوجهين :
الوجه الأول : ان الجواز والمنع لما كانا واردين على ذات واحدة ، وهي ذات المقدّمة ولكن أخذ في المنع عدم الإيصال كما أخذ في الجواز الإيصال ، كان ذلك ملازم قهرا لتقييد أصل الجواز بالإيصال ، وذلك لأنّه عند تحقق المقدّمة وقبل تحقق الإيصال لا تكون المقدّمة متصفة فعلا بالجواز ولا بالمنع ، فإذا تحقق الإيصال اتصفت بالجواز. ومن الواضح ان تحقق الإيصال لا يلازم تحقق خصوصية تكوينية منوعة للمقدّمة ، كما لا يكشف عن وجود خصوصية يكون الفعل بها متصفا بالجواز ، فيكون الإيصال كاشفا عن سبق ثبوت الجواز للفعل ، إذن لا تأثير له في الفعل إلاّ اتصافه بالجواز ، فالفعل الجائز بما أنّه جائز لا يكون إلاّ بالإيصال فللمكلف ان لا يأتي بالفعل الواجب ، فلا تتحقق المقدّمة الجائزة فيتحقق الجواز باختيار المكلف ، وليس هناك حصة جائزة منحازة عن الحصة الممنوعة.
الوجه الثاني : ان الجواز الثابت هنا ليس هو الجواز بمعنى الإباحة ، بل الجواز بالمعنى الأعم ـ أعني عدم المنع ـ ، وهو ليس بحكم مجعول كي يعلق على شرط أو يتعلق بحصة خاصة ، وانّما المجعول ليس إلاّ المنع ، وهو متعلق بالمقدّمة بقيد عدم الإيصال. وعليه فإذا تحقق الإيصال كان رافعا للمنع ومانعا
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٤٠ ـ الطبعة الأولى.