فكان غير مقدور فيسقط وجوبه ، فلا يكون تركه مخالفة.
الثانية : انّه إذا فرض كون ثبوت القدرة على المقدّمة منوطا بصورة الإتيان الواجب ، فتكون القدرة عليه منوطة بالإتيان به فيكون وجوبه مختصا بصورة الإتيان به ، وهو محال لأنّه من طلب الحاصل (١).
أقول : ورود الإيراد الأول يبتني على كون نظر صاحب الفصول في كلامه إلى الاستدلال على وجوب خصوص المقدّمة الموصلة دون غيرها ، فانّه يورد عليه بان ما ذكر لا دلالة له على ذلك ، وهذا المعنى هو الّذي فهمه صاحب الكفاية وتابعة المحقق النائيني (٢) ، فحملا كلام الفصول على الاستدلال.
امّا لو كان نظره ـ كما فهمه المحقق الأصفهاني (٣) ـ إلى نفي محالية القول بالمقدّمة الموصلة في قبال من ادعى محاليته ووجود المحاذير فيه. فالإيراد بعيد عن محط نظر المدعي ، إذ كلام الفصول يتضمن إمكان اختصاص الوجوب بالمقدّمة الموصلة كالفرض الّذي ذكره ، والإيراد لا يتكفل منع صحة الفرض ، بل غاية ما يتكفل منع دلالة الفرض على الاختصاص ، وهو غير ملحوظ في الاستشهاد بالفرض إذ الملحوظ فيه دلالته على إمكان الاختصاص لا ثبوت الاختصاص.
نعم الإيراد الثاني موجه ، فانّه يتكفل منع الفرض.
ولكن أورد عليه المحقق النائيني ان جواز المقدّمة غير مشروط بالإيصال ، ليتوقف تحققه على تحقق الإيصال خارجا ، بل المتوقف عليه انّما هو تحقق ما هو جائر شرعا ، إذ المفروض ان الإيصال قيد للواجب لا للوجوب ، وبما انّ المقدّمة الخاصة وهي الموصلة مقدورة للمكلف ، للقدرة على إيجاد قيده وهو الإيصال ، والمفروض جوازها شرعا ، فهو يكفي في تحقق القدرة على الواجب ، لكفاية جواز
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٢٠ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٣٧ ـ الطبعة الأولى.
(٣) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٠٩ ـ الطبعة الأولى.