وقد يورد عليه : ان كل فعل لا بد وان يكون له علة تامة لا يتخلف عنها ، ضرورة ان الممكن لا يوجد بدون علة. وعليه فكما يلتزم في الواجبات التوليدية بوجوب علتها التامة ، كذلك يلتزم بوجوب العلة التامة في سائر الواجبات ، لعدم تخلف الواجب عنها فتكون مما يترتب عليها الغرض.
وفيه : ان وجود العلة التامة لكل واجب مسلّم لكن من اجزاء العلة التامة في الأفعال الاختيارية إرادة الفاعل الفعل. ومن الواضح ان الإرادة ليست من الأمور الإرادية الاختيارية ـ وإلا لزم التسلسل ـ ، فيمتنع ان يكون متعلقا للتكليف. وعليه فيمتنع تعلق التكليف بالعلة التامة لأن من اجزائها ما لا يقبل تعلق التكليف به ، وهذا بخلاف الأفعال التوليدية فان جميع اجزاء العلة التامة من الأفعال الاختيارية ، لعدم توسط الإرادة ، فيصح تعلق الوجوب الغيري بالعلة التامة في موردها.
الثالث : انه من الواضح ان الوجوب الغيري يسقط بمجرد الإتيان بالمقدمة بلا انتظار لترتب الواجب عليها ، فانه يكشف عن عدم اعتبار ترتب ذي المقدمة ، وإلاّ لما سقط الطلب بمجرد الإتيان بالمقدمة ، لعدم العلم بتحقق الواجب بمجرده.
الرابع : ـ وقد تخيل انه من الوجه الثالث لكن التحقيق انه وجه مستقل كما سيأتي بيانه ـ ان سقوط الأمر يكون بأحد أمور أربعة : الموافقة والمخالفة وارتفاع موضوع التكليف ـ كغرق الميت الرافع لموضوع التكليف بالتغسيل ، أو التكفين ـ وحصول الغرض من دون تعلق الأمر به لمانع ، كما يسقط الأمر التوصلي بفعل الغير للواجب أو بالفرد المحرم. ومن الواضح ان سقوط الأمر بالإتيان بالمقدمة ليس بالمخالفة ، كما انه ليس بارتفاع موضوع التكليف للإتيان بمتعلقه وليس من جهة حصول الغرض به من دون تعلق الأمر به ، لأنه لا مانع من تعلق الأمر به ، إذ المانع الّذي يتصور هو كونه حراما فعليا ، وليس ما نحن