غاية ما يقتضي تعلق الأمر الغيري بها كاقتضاء الأمر بالصلاة. والّذي نحن بصدده إثبات استحباب ذات الأفعال النفسيّ كي يصحح اعتبار العبادية فيها.

وبالجملة : الطهارة كسائر الغايات المترتبة على العمل لا يقتضي الأمر بها سوى ترشح الأمر الغيري على العمل ، وهو لا يجدي في العبادية ، والكلام في ثبوت الأمر النفسيّ بذات العمل الّذي يتوقف على قصد امتثاله تحقق الطهارة.

والمتحصل : ان ما ذكر لا ينهض دليلا على استحباب التيمم النفسيّ. ولا دليل عليه غير هذا.

واما الوضوء ، فقد ادعي استحبابه النفسيّ باستظهار ذلك من الأدلة ، وعمدتها ما ورد من ان : « الوضوء على الوضوء نور على نور » (١).

وجهة الاستدلال به واضحة ، فان التعبير عن الوضوء بأنه نور يكشف عن كونه محبوبا في ذاته.

ولكن يشكل الاستدلال بها لوجهين :

الأول : ان النص لم يرد في مقام تشريع الوضوء وبيان تعلق الأمر به ، وانما هو وارد لدفع توهم أنه في فرض مشروعية الوضوء يمنع تعدد الوضوء وتجديده. ومن الواضح ان توهم امتناع الوضوء التجديدي انما يتلاءم مع كون المشروع هو الطهارة ، والوضوء مقدمة إليه لا ذات الوضوء ، وذلك لأنه لو كان ذات الوضوء مأمورا به فلا مجال لتوهم امتناع التجديد ، لأنه فرد آخر من المأمور به غير الفرد الأول ، اما لو كان المأمور به هو الطهارة فللتوهم مجال ، لاحتمال ان تكون الطهارة كالنظافة الخارجية لا تقبل التجديد ، إذ النظيف لا يقبل النظافة ثانيا. فدفع بالنص المذكور ببيان : ان الطهارة ليست كالنظافة ، بل كالنور القابل للشدة ، فيمكن ان يتأكد بنور آخر ، فالتعبير بان الوضوء نور يلحظ فيه الطهارة

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ ـ ٢٦٥ باب : ٨ من أبواب الوضوء ، حديث : ٨.

۵۲۶۱