حلا للإشكالات ودفعا لها؟ فان موضوع البحث هو معرفة منشأ عبادية الطهارات الثلاث والسّر فيه ، بحيث تندفع به الإيرادات ، لا معرفة ان الطهارات عبادية أو غير عبادية.
ومن العجيب نسبته هذا الوجه إلى الشيخ رحمهالله مع ان الوجه المذكور في كلام الشيخ لا يرتبط به بالمرّة.
فان الشيخ في مقام دفع إشكال الدور المتقدم ذكره ذكر وجهين : أحدهما ما تقدم وتقدم الكلام حوله. وثانيهما هو : ان المقدمية إذا كانت متقومة بكون الفعل عباديا ، فلا محيص عن ان يلتجئ المولى إلى الأمر بذات العمل ـ بدون أخذ قصد الأمر فيه ، بناء على امتناع أخذه في متعلق الأمر كما تقدم البحث فيه ـ ، ثم إعلام المكلف بلزوم الإتيان بالفعل بداعي أمره ، وان الغرض منه لا يتحقق بدون ذلك ، وبذلك لا يحتاج إلى أمر آخر لتحقق غرض المولى بذلك ، فيكون الأمر مقوما للمقدمية ومغن عن أمر آخر ، وبذلك يرتفع الدور ، إذ عبادية الفعل وان نشأت من تعلق الأمر به ، لكن الأمر تعلق بذات العمل ، فهو لا يتوقف على الفعل العبادي كي يتحقق الدور (١).
ومن الواضح ان ما جاء في الكفاية لا ربط له بما ذكرناه عن كتاب الطهارة ، فان ما جاء في كتاب الطهارة حلّ للإشكال ، ومن العجيب ان المشكيني ادعى ان الوجه المذكور في الكفاية هو مختار التقريرات (٢) ، فانه كما عرفت لا يحلّ إشكال الدور أصلا ، بل هو يمهّد موضوع الإشكال ، وقد عرفت ان الإشكال الّذي ذكره الشيخ هو إشكال الدّور فقط ، فكيف يجعل هذا الوجه جوابا له وردّا عليه؟ وبذلك نستطيع الجزم بعدم كونه مراد التقريرات وان لم
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. الطهارة ـ ٨٨ ـ الطبعة الأولى.
(٢) كما في حاشية كفاية الأصول ١ ـ ١٧٩ ـ طبعة المحشاة بحاشية المشكيني.