بأخذ الأمر الغيري داعيا إلى العمل ، بل يتحقق مع أخذه بنحو التوصيف ، وكون الداعي شيئا آخر ، فيقصد المكلف الإتيان بالوضوء المأمور به لا الوضوء بداعي الأمر. فان الوصف إشارة أيضا إلى ذلك العنوان (١).

وبمثل هذا الإيراد أورد الشيخ رحمه‌الله نفسه على من التزم بلزوم قصد الوجه في العبادات بتقريب : ان الأمر انما تعلق بهذه الأفعال بلحاظ انطباق عناوين واقعية راجحة عليها ، ولا يمكن قصد تلك العناوين تفضيلا للجهل بها ، فلا طريق إلاّ الإتيان بالفعل بداعي الوجوب ، لأنه متعلق بالفعل المعنون بذلك العنوان ، فيكون العنوان مقصودا إجمالا ، فقد أورد الشيخ على هذا التقريب ، انه لا يستلزم تعين قصد الوجه ، بحيث يكون الوجوب داعيا ، إذ قصد العنوان الواقعي الراجح يتحقق بالإتيان بالفعل المتصف بالوجوب ، بحيث يؤخذ الوجوب بنحو التوصيف لا الداعي. فتدبر.

الوجه الثالث : ما نسب صاحب الكفاية إلى الشيخ أيضا ، وهو : ان الغرض من ذي المقدمة كما لا يتحقق إلا بالإتيان به بنحو عبادي ، فكذلك بتوقف تحقق الغرض من الغاية ـ ذي المقدمة ـ على تحقق المقدمة ، والإتيان بها بنحو عبادي. فعبادية الطهارات لأجل توقف حصول الغرض من غاياتها عليها (٢).

ومن الواضح : ان هذا لا يصلح حلا لأي إشكال من الإشكالات السابقة كيف؟ وهو بيان لموضوع الإشكال ، فان نتيجته ليست إلا إثبات ان الطهارات لا بد من الإتيان بها بنحو عبادي ، وهذه الجهة قد أخذت مفروغا عنها ، والمفروض ان الإشكالات مترتبة على الاعتراف بهذه الجهة ، فكيف تصلح

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١١١ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١١٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۶۱