وأورد على التفرقة بين النص والظاهر : بان تخصيص التكليف العام بالفرد النادر ، اما ان يكون مستهجنا وقبيحا أو لا ، فان كان قبيحا لم يتجه الالتزام بالدليل المستلزم لذلك ولو كان نصا بل المتعين طرحه. وان لم يكن قبيحا لم يتجه التصرف بظاهر الدليل المستلزم لذلك ، إذ لا مانع من إبقائه على ظاهره. فالتفرقة بين النص والظاهر لم يظهر لها وجه (١).
والتحقيق : ان للتفصيل وجها وجيها وهو : ان تقدم ظهور المخصص على ظهور العام انما هو باعتبار أقوائية ظهوره من ظهور العام ، ففي المورد الّذي يكون فيه استبعاد للتخصيص أو استهجان وقبح يضعف ظهور المخصص ولا يكون مع ذلك مفيدا للظن النوعيّ الّذي هو الملاك في حجية الظهور عند العقلاء ، فلا يصلح ظهوره للتصرف في العام لعدم حجيته. اما إذا كان المخصص قطعيا لا يحتمل الخلاف ، فيكون قرينة ـ بعد فرض عدم إمكان الالتزام بالعموم لانتهائه إلى التخصيص بالأكثر المستهجن ـ على وجود قرينة لفظية أو نحوها على تعلق الحكم من أول الأمر بالعنوان الخاصّ النادر وهو غير مستهجن.
وبالجملة : الفرق هو ان المخصص القطعي يكون دليلا على كون بيان الحكم من أول الأمر على العنوان الخاصّ ، وليس كذلك الحال في المخصص الظني ، فانه ترتفع حجيته لضعف ظهوره وعدم صلاحيته لمزاحمة ظهور العام بواسطته للاستبعاد والاستهجان.
وهذا المعنى ثابت متقرر وينص عليه في مسألة تخصيص الأكثر ، فانه يلتزم بعدم الالتزام بالمخصص الظني المستلزم لخروج أكثر الافراد. بخلاف ما إذا كان المخصص قطعيا كالإجماع ، فانه يكون محكما ولو استلزم خروج أكثر الأفراد ، لكن يلتزم رفعا للاستهجان بكون ذلك قرينة على كون بيان الحكم من
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٥٣ [ هامش رقم (١) ] ـ الطبعة الأولى.