المسببات التوليدية ، إذ الواجب ذو المقدمة المفوتة من الأفعال الإرادية في نفسه ، وليست نسبة المقدمة المفوتة إليه نسبة السبب التوليدي إلى مسببه. وقد عرفت ان الحكم بصحة العقاب مطلقا في هذا المورد غير وجيه.

لكن المورد يختلف عما نحن فيه أيضا من جهتين :

الأولى : ان المورد الّذي نحن فيه يختص بالواجبات العبادية كالحج والصلاة والصوم مما يعتبر فيها الإرادة والقصد إليها ، فلا كلام فيها من هذه الجهة كما هو الحال في المورد الثالث.

الثانية : ان الإشكال فيما نحن فيه ليس من جهة مخالفة التكليف الفعلي المتعلق بالعمل ، كي يقال إنه هل أخذ الفعل الإرادي في متعلق الحكم أو مطلق الفعل ، بنحو ينسب إلى اختيار الفاعل ولو بالواسطة؟ ، فان الفرض ان الواجب مقيد بزمان متأخر فلا يتمكن منه فعلا ، لعدم اختيارية قيده. وانما الكلام في سلب القدرة عليه في ظرفه بترك بعض مقدماته ، فليس فيما نحن فيه تكليف بالفعل يتكلم بان مخالفته تتحقق بالنسبة إليه مع انسلاب الإرادة عنه بذلك ، أو لا تتحقق إلا باعمال الإرادة فيه بخصوصه ، كما هو الحال في مورد الثالث.

وعليه ، فأساس الإشكال والبحث فيما نحن فيه هو التساؤل عن الملزم للإتيان بالمقدمات المفوتة ، لأنه قبل حصول زمان الواجب لا وجوب يترشح عليها ، وبعد حصول زمانه لا تكليف بالواجب لعدم القدرة عليه بتركها ، فحالها من هذه الجهة حال المقدمات الوجوبية من عدم تعلق الإلزام بها.

وقد ذكر للجواب عنه ـ غير ما جاء في الكفاية (١) ـ وجهان :

الأول : ما أفاده المحقق النائيني قدس‌سره من ان الملاك في ظرفه إذا كان تاما لا قصور فيه يحكم العقل بحرمة تفويته ولزوم المحافظة عليه في زمانه ،

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٠٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۲۶۱