بلا شرط تحقق الداعوية نحوه ـ كما قد يظهر من بعض عبارات السيد الخوئي ـ (١) له ان يلتزم هاهنا بان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطابا ، لأن التكليف يكون كسائر الأحكام الوضعيّة التي لا يعتبر فيها إمكان الانبعاث ، بل تتعلق بذمة المكلف وان لم يكن قادرا أصلا.
واما عدم منافاته عقابا : فلان الفعل وان خرج عن القدرة ، لكنه حيث كان ذلك بالاختيار كان امتناعه اختياريا ، فيستحق العقاب على تركه ، لأن ملاك العقاب اختيارية العمل ، ولأجل ذلك يتحقق العقاب على قتل شخص نفسه لو رمى جسمه من السطح ، فان الاصطدام بالأرض المحقق للموت لا يكون اختياريا بعد الرّمي ، ولذا يمتنع التكليف بتركه في تلك الحال ، ولكنه حيث ان كان منشؤه الاختيار لم يمتنع عقابه إذ يعدّ ذلك قتلا للنفس اختياريا وان كان حين حصوله غير اختياري.
الثانية : ان العقل يحكم بلزوم تحصيل غرض المولى الملزم إذا لم يتمكن من إيجاد الأمر على طبقه لعدم التفاته أو لغير ذلك ، كما لو رأى العبد ابن سيده في الحوض بحيث لو تركه يغرق ، ولم يكن سيده حاضرا ، فانه يجب عليه إنقاذه تحصيلا لغرض مولاه الملزم ، لأنه يعلم لو كان سيده حاضرا لأوجب عليه إنقاذ ابنه.
نعم لو كان المولى متمكنا من الأمر ولم يأمر لم يجب على العبد تحصيل غرضه في هذه الحال ، لأن عدم امره مع تمكنه يكشف عن عدم إرادته تحصيل هذا الغرض ولو كان ملزما في نفسه.
الثالثة : ان القدرة على العمل تارة : لا تكون دخيلة في الملاك ، بل تكون شرطا عقليا لتصحيح التكليف ، وإلاّ فالملاك بدونها حاصل وأخرى : تكون دخيلة
__________________
(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٢ ـ ١٠٨ ـ الطبعة الأولى.