تحصيل غرضه. فما نحن فيه كذلك ، لأن التكليف مثلا بالصوم قبل الفجر ممتنع ، والمفروض انه بترك الغسل تفوت مصلحة الصوم لعدم القدرة عليه بدونه ، فيتعلق تكليف مستقل بالغسل فعلا يكون متمما للجعل وتكليف الصوم نفسه (١).
ولكنه لم يبين عليه في المقام ، لعدم اطراده في سائر الموارد ، إذ الالتزام بتمامية المصلحة قبل البلوغ أو قبل الاستطاعة مما لا يمكن ، فلا وجه حينئذ للأمر بالتعلم ، وعلى تقدير الالتزام بذلك فلازمه عدم التفريق بين التعليم وغيره من المقدمات الوجودية وهو مما لا يلتزم به أحد.
واما ما سلكه من الطريق للتفصي ، فهو يتضح ببيان جهات ثلاث :
الأولى : انه قد تقرر ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا وينافيه خطابا وان خالف في ذلك بعض ، فذهب إلى عدم منافاته عقابا وخطابا ـ كما ينسب إلى أبي هاشم (٢) ـ. وذهب بعض إلى منافاته خطابا وعقابا. ولكن الحق ما عرفته من منافاته خطابا وعدم منافاته عقابا.
وذلك اما منافاته خطابا : فلان التكليف انما هو بلحاظ جعل الداعي للمكلف نحو الفعل ـ اما بان نلتزم ان حقيقته ذلك ، أو ان ذلك لازمه الأخص وان حقيقته هو نفس الإرادة التشريعية ، أو جعل الفعل في العهدة ، فان إبراز الإرادة أو جعل الفعل في العهدة إنما هو بلحاظ ترتب الداعوية عليه ـ ، وفي مورد الامتناع يمتنع حصول الداعي نحو الفعل وتحقق التحرك والانبعاث إليه ، وهذا لا ينافي كونه اختياريا باختيارية سببه ، فان قوام صحة التكليف ليس اختيارية الفعل فقط ، بل إمكان الانبعاث وحصول الداعي نحوه.
نعم من يلتزم بان حقيقة التكليف ليس إلاّ جعل الفعل في عهدة المكلف
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٤٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) شرح مختصر الأصول ـ ٩٦.