الوجه الرابع : وهو ما أشار إليه في الكفاية ان القدرة على العمل من شرائط التكليف عقلا ، فيكون الوجوب معلقا على تحققها ، وهي في الواجب المعلق غير متحققة في ظرف الوجوب لعدم القدرة على الواجب في ظرفه ، فيكون الوجوب قد تحقق قبل تحقق شرطه ، وأخذ الشرط القدرة في وقت الامتثال مرجعه إلى أخذها بنحو الشرط المتأخر. وهو ممنوع (١).

ومن هنا يظهر ان ما ذكره صاحب الكفاية في الجواب عن هذا الوجه : بان القدرة وان كان شرطا للتكليف ، لكنها القدرة في ظرف الامتثال لا في ظرف الأمر ، غاية الأمر تكون مأخوذة بنحو الشرط المتأخر.

لا يفي بالمطلوب على جميع التقادير ، لإنكار الشرط المتأخر من قبل بعض كما قرر في نفس الوجه ، فالالتزام بالشرط المتأخر لا يدفع الإيراد.

فالتحقيق ان يقال : ان إطلاق الشرط على القدرة لا يراد منه شرطية القدرة بالمعنى الفلسفي للشرط ، وهو ما كان دخيلا في تحقق المشروط ومن اجزاء العلة ، بل يراد منه شرطيتها بمعنى مصحح التكليف والموجب لخروجه عن اللغوية فلا يمتنع تأخرها عن الحكم ، نظير ما يقال : ان ترتب الأثر على الأصل شرط اعتباره وجريانه ، مع ان ترتب الأثر عليه متأخر رتبة عنه لا سابق عليه. وقد ذكرنا ـ هذا المعنى في مبحث التعبدي والتوصلي فراجع (٢) ـ.

وعليه ، فإذا لم تكن القدرة دخيلة في التأثير كي تؤخذ في الموضوع ويمتنع تأخرها عن الحكم ، بل كانت دخيلة في تصحيح العمل من الحكيم بحيث يخرج عن اللغوية ـ ولذا كانت شرطا في التكليف الصادر من الحكيم لا غيره ـ يكتفى منها بالقدرة على الواجب في ظرف الامتثال ليمكن الانبعاث نحوه وإتيانه ، ولا

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٠٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

(٢) راجع ١ ـ ٤١٦ من هذا الكتاب.

۵۲۶۱