ولا معنى للتعبير : بان الرفع كان لأجل الامتنان ، بل الارتفاع يكون لعدم تحقق مبادئها خارجا.
نعم لو لم يكن لسان هذه الأدلة لسان امتنان لم يكن لها دلالة على المدعى إذ يمكن ان يكون الرفع لعدم الإرادة لا لأجل الامتنان ، وانه كان يتمكن من الوضع فرفعه منّة ، الظاهر في كونه امرا اختيارا بيد الشارع.
وبالجملة : كون الحكم من المجعولات لا يمكن لنا إنكاره وجدانا ودليلا.
ثمّ أن صاحب الكفاية أشار إلى سؤال قد يتجه ، محصله : ان تصور المانع عن الحكم أمر معقول لو كان الحكم تابعا للمصلحة فيه ، فانه يمكن ان يفرض وجود المانع عن تحقق المصلحة فيه واما بناء على ان الحكم تابع لوجود المصلحة في متعلقه فيشكل وجود المانع منه ، لفرض تحقق المصلحة في متعلقه ، ولذا تعلقت به الإرادة ، كما ان المفروض تبعيته للمصلحة ، فمقتضى ذلك تحققه بلا تعليق على شيء.
وأجاب عنه : بان تبعية الأحكام للمصالح في متعلقاتها إنما يلتزم به في الأحكام الإنشائية. اما الأحكام الفعلية والبعث الفعلي ، فهو تابع للمصالح فيه ، ومعه يتصور المانع عن تحقق المصلحة فيه فيعلق على تقدير زواله (١).
ولكنه لأجل عدم وضوح وجود مرتبة إنشائية للحكم يكون له فيها وجود حقيقي ، لأن الإنشاء لا بداعي البعث لا يكون وجودا حقيقيا له ، والإنشاء بداعي البعث هو معنى الحكم الفعلي إذ لا يتصور إلا في فرض يمكن تحقق البعث بدون مانع.
لأجل ذلك ، عدل المحقق الأصفهاني إلى الإجابة عن السؤال ، بان المقصود من تبعية الحكم للمصلحة في متعلقه ليس تبعيته بنحو تبعية المعلول
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٩٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.