الطلب بلا نظر إلى خصوصية الوجوب والاستحباب ، كان ما ذكر في محلّه ، لكنه ليس كذلك ، بل الطلب المأخوذ في العنوان قد أخذ عنوانا ومرآتا للوجوب والاستحباب ، فالبحث يرجع في الحقيقة إلى وجوب مقدمة الواجب واستحباب مقدمة المستحب ، غاية الأمر انه يشار إليهما بلفظ وعنوان واحد.
وبعبارة أخرى : ان لكل من خصوصيتي الوجوب والاستحباب دخل في وجوب المقدمة واستحبابها ، وليس الترشح من جهة أصل الإرادة والطلب فقط ، وإلاّ لما اتجه وجوب مقدمة الواجب دون المستحب ، بل غاية ما يثبت مطلوبيتها ، اما كون الطلب وجوبيا فلا دليل عليه. فالانتهاء إلى وجوب مقدمة الواجب واستحباب مقدمة المستحب من البحث كاشف عن تعلق النّظر في البحث بخصوصيتي الوجوب والاستحباب ، غاية الأمر انه عبّر عنهما بعنوان واحد وهو لا يعني إلغاء الخصوصية ، وبذلك لا تخرج المسألة عن الفقه لأن البحث عن مطلوبية المقدمة عنوانا لا حقيقة. فتدبر.
والإنصاف : ان المسألة ليست من المسائل الأصولية ولا الفقهية ، وانما هي من مبادئ الأصول.
اما عدم كونها من مسائل الأصول : فلما عرفت في مبحث ضابط المسألة الأصولية من ان المسألة الأصولية ما كانت نتيجتها رافعة لتحير المكلف في مقام العمل ، اما تكوينا كمباحث الملازمات العقلية ، أو تعبدا ، كمباحث الأمارات. ولا يخفى ان هذه المسألة لا تتكفل هذه الجهة ، إذ لا تحيّر للمكلف في مقام العمل وأداء الوظيفة ، إذ لا بد عليه من الإتيان بالمقدمة تحصيلا لامتثال ذيها وجبت شرعا أو لم تجب ، فوجوب المقدمة وعدمه لا يؤثر في عمل المكلف أصلا.
واما عدم كونها من مسائل الفقه : فلان المسائل الفقهية ما يبحث فيها عن عوارض الفعل الشرعية العملية لا مطلق العوارض الشرعية. ولا يخفى ان وجوب المقدمة شرعا لا أثر عمليا له ، إذ لا إطاعة له ولا عصيان ولا ثواب عليه