آخر بل يكون الدال عليه نفس الدال على الحكم ، فكما انَّ حدوث الحكم لا يحتاج إلى دال آخر ، إذ هو نفس الحكم كذلك استمراره بهذا المعنى ، فإذا فرض دلالة الخطاب على الحكم المستمر وثبت تخصيص له في قطعة من الزمان كان ظهور الخطاب في ثبوت الحكم المستمر حجة في ما عدا مقدار التخصيص حاله في ذلك حال العموم في متعلق الحكم.

وان كان المقصود الاستمرار بنحو المعنى الاسمي فهذا كما ذكر لا يمكن استفادته من دليل الحكم إلاّ أنَّ هذا النحو من الاستمرار كما لا يمكن استفادته من دليل الحكم إذا كان قيداً للحكم وطارئاً عليه كذلك لا يمكن استفادته من دليل الحكم إذا كان قيداً للمتعلق وتحت الحكم ، فلا وجه للتفصيل بين الحكم ومتعلقه هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لا حاجة إلى الاستمرار بهذا المعنى بل يكفي الاستمرار بالمعنى الحرفي والّذي تقدم استفادته من دليل الحكم نفسه (١).

وثانياً ـ لو فرض انَّ العموم والاستمرار كان بدال آخر وقد أخذ في موضوعه ثبوت الحكم مع ذلك أمكن الرجوع إليه بعد التخصيص ، إذ لا يكون الموضوع هو ثبوت الحكم المستمر فانه لا معنى للحكم باستمرار الحكم المستمر وانما المقصود لا بدَّ وَان يكون أخذ ثبوت الحكم بنحو القضية المهملة في موضوع الدلالة على الاستمرار ، والقضية المهملة ثابتة بحسب الفرض فيمكن التمسك بدليل الاستمرار على كل حال فيما عدا المقدار الخارج بالتخصيص (٢).

__________________

(١) يمكن أَن يقال : بأنه قد تقدم في بعض الأبحاث السابقة أنَّ مقدمات الحكمة والإطلاق الحكمة والإطلاق لا يجري في المحمول بمعنى انَّ الخطاب لو كان متكفلاً لإثبات حكم على موضوع كإثبات اللزوم أو الخيار في العقد فما هو مدلول الخطاب ليس أكثر من ثبوت صرف وجود اللزوم أو الخيار في الجملة فكما لا يدل على الإطلاق والشمول بلحاظ الافراد العرضية كما إذا فرضنا انَّ هناك نوعين من اللزوم والخيار لزوم حكمي ولزوم حقي فلا يمكن التمسك بإطلاقه لإثبات كلا النوعين من اللزوم أو الخيار ، كذلك لا يمكن التمسك بإطلاقه للافراد أو الأحوال الطولية أي إثبات الاستمرار فيكون استفادة ذلك في طرف الحكم بحاجة دائماً إلى دال آخر ولو قرينة الحكمة ودفع اللغوية ، والّذي يكون بحسب الحقيقة من لوازم المدلول الأول وهو ثبوت الحكم بنحو صرف الوجود وليست دلالة إطلاقية أو عمومية لتندرج تحت كبرى حجية العام في الباقي بعد التخصيص ، فإذا ثبت في مورد التخصيص وانتفاء المدلول الأول فلا يمكن إثبات استمرار الحكم بعد ذلك بالخطاب من دون فرق بين كون الاستمرار ملحوظاً بنحو المعنى الاسمي أو الحرفي لأنَّ الميزان في حجية العموم والإطلاق كونها دلالة مستقلة عرضية لا طولية كما تقدم في محله ، وبهذا يرجع هذا التفصيل إلى معنى صحيح ولكنه يختص بالاحكام التي لا يكون إطلاقها وعمومها بلحاظ إطلاق متعلقاتها بل بلحاظ نفسها كما في المثال المتقدم.

(٢) اتضح على ضوء التقرير المتقدم لكلام الميرزا عدم وجاهة هذه المناقشة أيضاً ، فانه ليس المقصود ثبوت القضية المهملة بمعنى الحكم في زمان ما بل المقصود انَّ الدال الثاني ليس دالاً مستقلاً وانما هو من لوازم ثبوت الحكم في مورد أو زمان فمع التخصيص وعدم الدليل على ثبوت أصل الحكم في الزمن الثاني لا يمكن الرجوع إلى الخطاب لإثبات استمرار الحكم فيه.

۳۶۸۱