تقريراته (١) إلى عدم جريانه لأنَّ الزمان المشكوك لم يكن قد وجد نهاراً فيما سبق لتستصحب هذه الصفة له وإثبات نهاريته باستصحاب بقاء النهار يكون من الأصل المثبت نظير إثبات كرية هذا الماء باستصحاب بقاء الكر.
والتحقيق : جريان استصحاب الزمان بنحو مفاد كان الناقصة أيضاً بنفس نكتة جريانه في مفاد كان التامة. توضيح ذلك : انَّ المفروض اتصال آنات الزمان ووحدتها عقلاً وعرفاً وهذا يعني أنَّ هذا الآن متصل ومتحد مع الآن السابق المفروض اتصافه بكونه نهاراً أو ليلاً فنستصحب صفة النهارية أو الليلية له ، إذ يكون رفع اليد عنه نقضاً لليقين بالشك في صفة شيء واحد.
فالحاصل : إذا فرضنا انَّ العرف يرى آنات الزمان في النهار أو الليل متصلة بحيث يعد كلها شيئاً واحداً فكما يجري استصحاب بقاء النهار بنحو مفاد كان التامة لصدق نقض اليقين بالشك فيه كذلك يجري استصحاب بقاء نهارية الزمان بنحو مفاد كان الناقصة ، وإذا فرضنا انَّ العرف يقطع هذا الآن عن الآنات السابقة ويلحظها كموضوع مستقل حادث فكما لا يجري استصحاب النهارية بنحو مفاد كان الناقصة كذلك لا يجري استصحاب بقاء النهار بنحو مفاد كان التامة لأنَّ هذا الحادث غير النهار المتيقن سابقاً.
وان شئت قلت : ـ اننا نلحظ الزمان بالمفهوم الأوسع من قطعة الفجر أو النهار أو الليل والّذي هو أيضاً وجود زماني متصل وواحد ، فنقول انَّ الزمان كان فجراً أو نهاراً أو ليلاً فالآن كذلك وهو مفاد كان الناقصة فتكون أركان الاستصحاب تامة فيه بهذا الاعتبار.
امّا ترتيب آثار مفاد كان الناقصة فيتوقف على أخذه بنحو التركيب جزءً لموضوع الأثر الشرعي الملحوظ لا بنحو التقييد وإلاّ لم يثبت إلاّ بنحو الأصل المثبت ، وسوف يأتي مزيد توضيح لهذه النقطة في المقام القادم. هذا كله في استصحاب الزمان.
وامّا استصحاب الزماني أي الحركات كالجريان والدوران وغيرهما فقد اتّضح حاله ممّا تقدم في استصحاب الزمان ، لأنَّ الإشكال فيه انما هو من ناحية توهم عدم
__________________
(١) راجع النهاية الأفكار ، القسم الأول من ج ٤ ، ص ١٤٨