التقابل في مصداقين منه.
وعلى كل حال فهذا البيان بهذا المقدار لا يخلو من نقص ، إذ كما يمكن ان يقال بان الظن بالحياة يوجب الظن بنبات اللحية ، فيستحيل حصول الظن بعدمها كذلك يمكن العكس وان الظن بعدم اللحية يوجب الظن بعدم الحياة ومعه يستحيل حصول الظن بالحياة ، إذ كما ان الظن بالعلة يستلزم الظن بالمعلوم كذلك العكس ، كما ان مجرد كون أحد المتلازمين علة للآخر لا يعني حكومة الأمارة في طرف العلة على الأمارة المخالفة في طرف المعلول الا ترى عدم حكومة الخبر الدال على حياة زيد على الخبر الحاكي لعدم نبات لحيته بل هما متعارضان.
والتحقيق : ان الاستصحاب إذا كان حجة من باب الأمارية وافادته الظن ـ سواء كان نوعيا أو شخصيا ـ فهذا مبني على أساس حساب الاحتمالات الكاشفة عن نكتة مشتركة وطبيعة في الأشياء تقتضي بقاءها ودوام حالاتها وعدم تغيرها غالبا ، وهذه النكتة في كل من العلة والمعلول ثابتة فالكشفان فعليان غاية الأمر يوجد منافاة بين تأثير المنكشفين ، وحيث ان جانب العلة هو المؤثر في جانب المعلول فيقدم عليه في مقام فعلية الكشف لا محالة شبيه ما إذا أخبر ثقة بوقوع النار في البيت وأخبر ثقة آخر بنزول المطر الغزير أو السيول على البيت في تلك الساعة فيؤخذ بالخبرين معا ويحكم بان الماء غلب النار وان البيت لم يحترق ، وان شئت قلت : ان حساب الاحتمالات الموجب للظن ببقاء الأشياء في طرف العلة يحكم على حساب الاحتمالات في طرف المعلول فكأن قاعدة ان الأشياء غالبا تبقى على حالاتها السابقة يستثنى منها المعلولات فانها تابعة لعللها والغلبة المحكمة فيها ، وهذا هو الوجه الفني لما ارتكز في ذهن السيد الأستاذ من حكومة استصحاب الحياة على استصحاب عدم نبات اللحية بناء على الأمارية.
الأمر الثاني ـ لا إشكال في عدم حجية الاستصحاب في إثبات آثار اللوازم العقلية الواضحة عقلا وعرفا ولكن وقع الإشكال فيما إذا كانت الواسطة العقلية خافية على العرف ، فقد ذهب الشيخ ( قده ) إلى انه مع خفائها يجري الاستصحاب في طول المسامحة العرفية ووافق عليه المحقق الخراسانيّ ( قده ) وخالف في ذلك المحقق النائيني ( قده ) مدعيا بأن خفاء الواسطة أو المناسبات والمرتكزات العرفية ان أوجب ظهورا في دليل الأثر الشرعي يقتضي ترتبه على نفس المستصحب لم نحتج في إثباته