الجعل له لكي يستصحب ، وان أريد به عدم المجعول الكلي الطبيعي الموضوع كالماء قبل تغيره فالمفروض ان طبيعي الموضوع الّذي هو امر واحد بحسب الفرض وان تعددت مصاديقه وافراده ـ على ما تقدم ـ قد انتقض فيه عدم النجاسة بجعل النجاسة عليه في الزمن الأول فيكون الجاري استصحاب بقاء المجعول لا عدمه.
لا يقال ـ بناء على هذا البيان لا بد من المنع عن استصحاب الحكم في الشبهة الموضوعية كاستصحاب طهارة الماء المشكوك ملاقاته مع النجاسة أيضا إذ لو أريد فيها استصحاب الحكم المجعول للفرد المشكوك بما هو فرد فهذا مما يقطع بعدمه وان أريد استصحاب الحكم المجعول لطبيعي الماء مثلا فهو مما يعلم بانتقاضه بجعل النجاسة للماء الملاقي مع النجس.
فانه يقال ـ المستصحب في الشبهة الموضوعية هو الحكم الجزئي المجعول بجعل الطهارة على الماء غير الملاقي للنجس حيث يشك في بقاء مجعول هذا الجعل بينما في المقام ليس الشك في بقاء الطهارة المجعولة للماء قبل التغير ، لأن هذا يعلم بانتقاضه وارتفاعه موضوعا حيث لا شك فيه لا كبرى ولا صغرى وانما الشك في بقاء مجعول جعل آخر وهو بقاء النجاسة المجعولة لطبيعي الماء المتغير في العصر الثاني فيجري استصحاب بقائه.
وليعلم ان مقصودنا بهذه التحليلات تفسير الظهور الإطلاقي الثابت في دليل الاستصحاب في نفسه والّذي ارتكز في أذهان الفقهاء دون تشكيك من قبل أحد منهم خلال مئات من السنين حيث كانوا يستصحبون عدم النسخ وكذلك يستصحبون بقاء الحكم في الشبهة الحكمية قبل ان تثار شبهة المعارضة بل وبعد إثارتها أيضا لم يستشكل من قبل المشككين في أصل جريان استصحاب الحكم ، فليس المقصود إثبات ظهور أو إطلاق غير ثابت في نفسه لو لا هذه التحليلات ليستشكل في عرفيتها مثلا ، وقد أوضحنا سابقا في منهج البحوث التحليلية اللفظية ضمن مباحث الدليل اللفظي ان هدف الأصولي قد يكون تفسير ظواهر ودلالات لا إشكال في ثبوتها في نفسها غاية الأمر قد وقع فيها التشويش أو الالتباس والتناقض في مجال التطبيق لدى المحققين مما يضطرنا إلى إبراز نكاته وتحليلاته ضمن نظرية متكاملة تستطيع ان تفسر كل تلك الظواهر وتوفق فيما بينها وترفع التناقض