ولكن من الواضح ان هذا الإيراد مبني على القول بحكومة الأصل السببي على الأصل المسببي حتى إذا كانا متوافقين وهو محل منع على ما سوف يأتي ، بل ورود الصحيحة في الأصل المسببي بنفسه يكون دليلا على عدم الحكومة في فرض توافق الأصلين السببي والمسببي في المفاد.
وثانيا ـ لو فرض جريان استصحاب عدم الجعل الزائد ومعارضته مع استصحاب الحكم في الشبهة الموضوعية أدى ذلك إلى دخول الاستصحاب الموضوعي أيضا في المعارضة ، وبعبارة أخرى : يكون استصحاب عدم الجعل الزائد معارضا مع أصلين في عرض واحد استصحاب المجعول الجزئي والاستصحاب الموضوعي ، والوجه في ذلك ان الاستصحاب الموضوعي لا يكون حاكما على استصحاب عدم الجعل الزائد وانما يكون حاكما ـ على القول بحكومة الأصل السببي ـ على المسببي ـ على استصحاب المجعول لأن ترتب عدم الجعل الزائد على الاستصحاب الموضوعي ليس شرعيا كما هو واضح. وهذا يعني ان شبهة المعارضة تؤدي إلى إنكار الاستصحاب رأسا.
وثالثا ـ وهو المهم ـ ان شبهة المعارضة لا موضوع لها في الشبهة الموضوعية لأن الشك فيها ليس في الجعل وحدوده لنجري استصحاب عدم الجعل الزائد وانما الشك في تحقق مصداقه خارجا وعدمه ـ كما إذا شك في بقاء تغير الماء أو زواله ـ ومن الواضح ان الجعل لا يتسع ولا يتضيق بسعة مصاديقه وقلتها في الخارج ، فجعل النجاسة للماء المتغير ما دام متغيرا لا يزداد ولا ينقص بزوال تغير الماء وعدمه فلا شك في جعل زائد لكي يستصحب عدمه.
لا يقال ـ الجعل بعنوانه التفصيليّ وان كان كما ذكر الا انه يمكن إجراء الاستصحاب بعنوان إجمالي مشير إلى القضية المجعولة بأن يقال لا ندري هل جعل المولى الحكم على طبيعة يشتمل هذا الفرد المشكوك خارجا أم لا ولو من باب الشك في شمول الجعل له موضوعا فنستصحب عدمه.
فانه يقال : لا شك في العنوان والطبيعة التي جعل عليها الحكم بحسب الفرض وانما الشك في شمولها لهذا الفرد ، فان أريد استصحاب عدم جعل الحكم على الطبيعة فهو مقطوع به ولا شك في الحكم ولا في متعلقه وما جعل عليه ليطبق بلحاظه الاستصحاب ، وان أريد استصحاب عدم شمول الطبيعة المجعول عليها الحكم للفرد